ومن ثم فإن نهيه عن التحديث المعلل بوقوع الاختلاف ، لو تم لزم منه أن يطرد النهي لاطراد العلة ، حتى يشمل النهي القراءات المختلفة للقرآن الكريم التي كانت معروفة في عصره ، وهي لا تقل خطرا عن اختلاف الحديث.
ثم كيف نجد التكييف الشرعي لهذا التصرف مع قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : رحم الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فحفظها ، فبلغها عني»؟! وقوله الكريم بعد كثير من إرشاداته وتبليغاته : «فليبلغ الشاهد الغائب»؟!
على أن هذا الموقف العجيب من السنة المطهرة ، قد نهى عنه رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) ، منبها على كونه وشيك الوقوع ، أي : قريبه ، فقال (صلىاللهعليهوآلهوسلم) : «يوشك الرجل متكئا على أريكته يحدث بحديث من حديثي ، فيقول : بيننا وبينكم كتاب الله عزوجل ، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه ، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه!! ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله» (١).
وقد علمت من أقدم على حرق الأحاديث ، وقال مخاطبا أهلها : «بيننا وبينكم كتاب الله»!
موقف عمر من تدوين الحديث الشريف :
لقد استمر المنع من الحديث رواية وتدوينا في عهد أبي بكر ، ولما
__________________
(١) سنن ابن ماجة ١ / ٦ رقم ١٢ ، وسنن الترمذي ٥ / ٣٧ حديث ٢٦٦٦٣ ، وقال : هذا حديث حسن صحيح ، ورواه من طريق آخر ، وسنن أبي داود ٤ / ٢٠٠ رقم ٤٦٠٤ و ٤٦٠٥ باب لزوم السنة ، ومسند أحمد ٦ / ٨ ، والمستدرك على الصحيحين ١ / ١٠٨ قال : وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، ورواه من طريق آخر وقال : وجدنا للحديث شاهدين بإسنادين صحيحين.