لإجماع الأصحاب وأخبارهم ، والأولى كون الأمر هنا على الإجمال ، وبيانه بالأخبار والإجماع ، فإنّ ذوي القربي يتفاوتون في الحق فافهم.
و (الْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) أي وآتهما حقّهما وهو ما أوجب الله لهما من الزّكوة وغيرها وقيل : من الزكاة والأعم أولى. والخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوآله أو لمن بسط له ولذلك رتّب على ما قبله بالفاء ، وقيل مرتب على قوله (أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) والأمر للوجوب كما هو الظاهر ، أو للرجحان المطلق والحقوق أعم من الواجبة والمندوبة ، والبيان من خارج.
(ذلِكَ) أي إعطاء الحقوق مستحقّها (خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) أي ذاته أو جهته وجانبه أي يقصدون بمعروفهم إيّاه وجهه أو جهة التقرب اليه لا جهة أخرى ، والمعنيان متقاربان ، ولكن الطريقة مختلفة قاله الكشاف (١).
ويفهم من تقيد كون ذلك خير بمريدي وجه الله أنّ ذلك ليس خيرا من عدمه لغيرهم أو هو شرّ لهم فيشترط في ترتب الثواب عليه وبراءة الذمة به كونه لوجه الله (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الفائزون بثواب الله والقرب لديه ، بل وتزكية النفس وتنمية المال وبراءة الذمة ويفهم نفي ذلك عن غيرهم ، فهو كالتأكيد لما قبله ، ويمكن أن يراد أنّ ذلك خير للّذين يريدون وجه الله في أعمالهم ومأموراتهم فيكون موافقا لقوله (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ويحتمل أن يراد بذلك الإتيان بالمأمور به مطلقا على بعد ما فليتأمل.
و (ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا)(٢)(فِي أَمْوالِ النَّاسِ) أي ما أعطيتم من المال ليربو
__________________
ورد فيه الترخيص يكون واردا على هذا الحكم من العقل ولذا ترى جمع الواجب والمستحب بلفظ أمر واحد مثل اغتسل للجمعة والجنابة من دون مجاز أو احتياج للحكم بكون الاستعمال في أكثر من معنى واحد فلا تغفل.
(١) انظر الكشاف ج ٣ ص ٤٨١.
(٢) قال في نثر المرجان ج ٥ ص ٢٩٩ بوصل لام كي مكسورة وقرئ المدنيان ويعقوب بالتاء الفوقانية مضمومة وفتح الباء الموحدة وسكون الواو على الخطاب والبناء