وبالجملة المراد أنكم تعلمون أنّ فيه نقصانا للحق وتركا منه ، فإذا أعطيتم ذلك نقصتم الحقّ وتركتم منه ، فلما كانت المصلحة في ذلك لكم ، عاد النقص عليكم ، وكنتم بذلك مفوّتا مصلحة أنفسكم ، ولذلك قال (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ) أي عن كلّ شيء خصوصا عن إنفاقكم بالجيّد والحلال ، وإنّما ذلك لنفعكم ومراعاة مصلحتكم (حَمِيدٌ) في الأمور كلّها خصوصا في أمركم بذلك ، فإنه لمراعاة مصلحتكم ، وكذا في قبوله وإثابته إيّاكم.
والمقصود به الترغيب والتأكيد ، ولهذا عقّبه بقوله (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) في الإنفاق أصله وبالجيّد (وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) أي المعاصي وترك الطاعات ، أو ترك الإنفاق ، والإنفاق من الخبيث ، وفي الكشاف وتفسير القاضي : أي يغريكم على البخل ، والفاحش عند العرب البخيل ، وقيل : الفاحشة الزّنا وما يشتدّ قبحه من الذنوب ، وكلّ ما نهى الله عنه ، والفحشاء البخل في أداء الزّكوة والفاحش البخيل جدّا.
(وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ) لذنوبكم فيسترها عليكم ويصفح عن عقوبتكم (وَفَضْلاً) أي خلفا أفضل ممّا أنفقتم من الخير والبركة ، وطهارة النفس مثلا في الدنيا والأجر العظيم والثناء الجميل في الآخرة (وَاللهُ واسِعٌ) الفضل والمغفرة عند بغية كلّ طالب لا يضيق بشيء (عَلِيمٌ) فيعلم ما تعملون من الإنفاق وتركه وإعطاء الخبيث والطيّب ، فيجازى كلّا بعمله ، ويضاعف منفق الطيّب بسعة فضله وكرمه في الدنيا والآخرة ، على ما يعلم من المصلحة.
ولا يخفى أنّ هذه الآية يقتضي أيضا ظاهرا وجوب الإنفاق المذكور بخصوصياته فلا يجوز إنفاق الحرام ولا الرديّ من المريض والمعيب عن غيرها ولا يكون مجزية أيضا كما هو مقتضى النهى ضمنا وصريحا حتّى قيل : لأنه المقصود من النهي ، ولعدم العلم بحصول براءة الذمّة مع يقين شغلها.
وربّما احتمل بهذا عدم إجزاء مقدار قيمته أيضا إلّا أن يعلم بدليل ، وإن
__________________
المعنيين مما أثبته الحفاظ ومن حفظ حجة على من لم يحفظ انتهى وفي شواذ القرآن لابن خالويه ص ١٦ الا ان تغمضوا بالتشديد الزهري الا ان يغمضوا بفتح الميم عن قتادة يعني الا ان ينهضم لكم فيه.