أما قوله استقبال عين القبلة وإن خالف المشهور من أنّ قبلة البعيد هي الجهة أو العين لكن لا بأس به تنبيها على أنّ القبلة في الحقيقة والقصد هي الكعبة كما لا لا يخفى.
ج ـ إنّ ذكر المسجد الحرام دون الكعبة مع إرادتها به ؛ تسمية للجزء الأشرف باسم الكلّ ، مع كونها في محلّ التأمل ، لما روي من أنّ أشرف بقاع الأرض ما بين الركن والمقام والباب ، محلّ نظر لجواز أن يكون ذلك لأنّ عنوان المسجد أنسب باستحقاق التعظيم والتكريم وأقرب إليه من عنوان البيت والكعبة. على أنّ البيت بنفسه مسجد أيضا ، فلا يجوز ، والحرام صفة له كما في قوله تعالى «الْبَيْتَ الْحَرامَ» وتسمية أجزاء المسجد مسجدا شائع أيضا ، ولا ريب أنّ هذه الفائدة أظهر مع كونها مقرونة بالحصول قطعا بخلاف ما ذكر.
__________________
ويشهد لهذا التأويل ما روى عن ابى عبد الله (ع) وقد سئل عن سبب التحريف عن القبلة ذات اليسار فقال ان الحرم عن يسار الكعبة ثمانية أميال وعن يمينها أربعة أميال فإذا انحرف ذات اليمين خرج عن حد القبلة وإذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة
وهذا الحديث يؤذن بأن المقابلة قد يحصل معها احتمال الانحراف
وأما الجواب عن الثالث فقد مر في أثناء البحث ، وهذا كله مبني على أن استقبال أهل العراق الى الحرم لا إلى الكعبة وليس ذلك بمعتمد بل الوجه الاستقبال إلى جهة الكعبة إذا علمت أو غلب الظن مع عدم الطريق الى العلم سواء كان في المسجد أو خارجه فيسقط حينئذ اعتبار التياسر والتعويل في استقبال الحرم انما هو على اخبار آحاد وبتقدير أن يجمع جامع بين هذا المذهب وبين التياسر فكون ورود الاشكال عليه أتم وبالله العصمة والتوفيق انه ولى الإجابة
هذا آخر رسالة المحقق قدسسره
قال ابن فهد في المهذب البارع (وعندي منه نسخة خطية) واعلم أن غير المصنف أجاب عن هذا الاشكال بمنع الحصر لان حاصل السؤال أن التياسر اما الى القبلة فيكون واجبا لا مستحبا واما عنها فيكون حراما ، والجواب منع الحصر ، بل نقول التياسر شرفها وجاز اختصاص بعض جهات الحرم بمزيد الفضيلة على بعض أو حصول الاستظهار بالتوسط بسب الانحراف ، انتهى ما في المهذب البارع.