فصل
في نوادر عقلاء المجانين
نظر بهلول (١) إلى مجنون قد أقبل في منصرفهم من الجامع يوم الجمعة وهو يقول : (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (٢) فلطمه بهلول [وقال] (٣) : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) (٤).
وكان مرة في قوم فقاموا إلى الصلاة وهو قاعد ، فقالوا له :
لم لا تصل معنا؟
قال : لست على صلاة.
قالوا : لم؟.
قال : لأن الله تعالى يقول : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ) (٥) ، والله ما لي في الأرض مغرز قناة (٦) ، ولا مفحص قطاة (٧).
هرب بعضهم من أيدي الصبيان فدخل دهليزا ، وقعد فيه ، فقال له صاحب الدار :
ما وراءك؟
__________________
(١) ورد الخبر في نثر الدر ٣ / ٢٦٢ بلفظ قريب ، وفي عقلاء المجانين ص ٨٢ وسماه بهلولا ، وفي العقد الفريد ٦ / ١٤٨ وسماه عليان ، وفيه : لما وضع صاحب الدار الطعام بين يديه وحمد الله وأثنى عليه وقال : هذا من رحمة الله. وأشار إلى الطعام كما أن أولئك من عذاب النار وأشار إلى الصبيان. ثم جعل يأكل والصبيان يرجمون الباب وهو يقول : (فضرب بينهم السور بابّ باطنه فيه الرحمة ...) والرواية فيه مفصلة يسأله فيها عن أجود الشعر فيتمثل ببيت جميل وبيت آخر.
(٢) الأعراف : ١٥٨.
(٣) زيادة ليست في الأصل.
(٤) طه : ١١١.
(٥) الحج : ٤١.
(٦) في الأصل : (مغرور فتاة).
(٧) المفحص والأفحوص مجثم القطاة وقوله : ولا مفحص قطاة من قولهم (ليس له مفحص قطاة مثل).