قال : هؤلاء أولاد الزنا هربت منهم ، فدخل صاحب الدار ، فأخرج له طبقا (١) فيه رطب فقدمه إليه ، فقعد يأكل والصبيان يضحكون ويدقون الباب ، فرفع رأسه المجنون إلى صاحب الدار وقال :
باب باطنه الرحمة ، وظاهره من قبله العذاب (٢).
ادّعى مجنون النبوة بالبصرة ، فأمر واليها (٣) بحبسه فقال له :
أيها الأمير ، أكافر (٤) عندك أم مؤمن؟
قال : بل كافر.
قال : فإن الله يقول : (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ) (٥) فلا تطعني ، ولا تؤذني ، فضحك منه ، وأمر بإطلاقه (٦).
__________________
(١) في الأصل : (إليه طبق).
(٢) اقتباس من سورة الحديد : ١٣ وفي الأصل : (يا رب باطنه .. الرحمة .. من قبل) وهو تحريف.
(٣) في الأصل : (وا إليها).
(٤) في الأصل : أكافرا عندك أم مؤمن.
(٥) الأحزاب : ٤٨.
(٦) خبر المتنبيء مفصل في نثر الدر ٢ / ٢١٧ وفيه : أنه مثل بين يدي الخليفة المهدي فسأله : أين ، ومتى بعث؟ ثم شاور فيه شريكا القاضي ، ثم قال له : هات ما عندك ، فقال : أكافر أنا عندك أم مؤمن.