فصل
في ذكر الخيل (١)
لكثرة المرافق التي جمعها الله تعالى في الخيل للإنسان خصّها بالذكر المبين (٢) في مواضع من كتابه إذ قال : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) (٣).
ومن رباط الخيل اشتق منه (٤) اسم الرباطات التي هي حصون المسلمين في الثغور والأطراف. ومن رباطها سمّوا مرابطين. وعلى هذا التأويل سميت الخيل حصونا.
قال الشاعر :
ولقد علمت على تجنّبي الرّدى |
|
أن الحصون الخيل لا مدر القرى (٥) |
واستفتى بعض السلف في رجل أوصى ببعض ماله للحصون ، فقال :
اجعلوها الخيل ، ثم أنشد هذا البيت محتجا به.
وقد سمعنا الله ذكر زينات (٦) الدنيا السبعة التي زيّنت (٧) لهم ، ووجدت مساعيهم مقصورة (٨) على اتخاذها والاستكثار منها (٩) فقال : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ
__________________
(١) راجع في فضل الخيل : كتاب الخيل لأبي عبيدة معمر بن المثنى ص ٤.
(٢) في الأصل : (البينة).
(٣) الأنفال : ٦٠.
(٤) في الأصل : (به).
(٥) في الأصل : (على تخيني على الددى) والبيت للأسعر الجعفي في كتاب الخيل لأبي عبيدة ص ١١ ، وقبله سبعة أخرى ، وفي الحيوان ١ / ٣٤٦ وفيه : (أن رجلا استفتى عبيد الله بن الحسن القاضي عن وصية أبيه الذي أوصى بثلث ماله في الحصون ، قال : اذهب فاشتر به خيلا ، فقال الرجل : إنما ذكر الحصون؟ قال : ا ما سمعت قول الأسعر الجعفي؟ وعلق الجاحظ في معنى الحصون أنه ينبغي في مثل هذا القياس على التأويل أنه ما قيل للمدن والحصون حصون إلا على التشبيه بالخيل.
(٦) في الأصل : فرسان ، ولعلها ما أثبتناه.
(٧) في الأصل : (السبع الذي ربيت).
(٨) في الأصل : (مقصودة).
(٩) في الأصل : (والاستكثان فيها).