فلا يمنع الناس إذا نظروا إلى آثار رحمة الله في الأرض التي أحيا ، والنبات (١) الذي بسط [أن] (٢) ينظروا (٣) نعمة ربهم ، ويشكروها ، ويذكروا (٤) ذكر خواص البلايا التي خصت الخلق ، ولم تعمهم جميعا ، وكمثل الرياح التي يرسلها الله : (بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) (٥) ، فيسوق بها السحاب ، ويجعلها الله لقاحا للأشجار وروحا للعباد ويتنسمون فيها ، ويتقلبون (٦) فيها وتجري بها مياههم ، وتتقد نيرانهم ، وتجري سفائنهم (٧) وقد تضرّ بكثير (٨) من الناس في برّهم وبحرهم ، ويخلص ضررها إلى (٩) أنفسهم وأموالهم ، فلا ينزلها (١٠) ذلك عن منزلتها التي جعلها الله بها ، وأمرها الذي سخرها له من قوام عباده وتمام نعمه (١١). وكمثل الشتاء والصيف اللذين يجعل الله تعالى بردهما وحرّهما صلاحا للحرث والنسل ، ونتاجا للنخل (١٢) والحب ، فالبرد يجمعهما ويلقحهما ويفضخهما (١٣) مع سائر ما يعرف من منافعهما. وقد يكون من التناوب (١٤) بهما وما فيهما من الحر والبرد والزمهرير والسمائم (١٥) ، ما يأتي على الأنفس ، ويقطع عن المعاش ، وهما مع ذلك لا ينشآن إلا إلى
__________________
(١) في الأصل : (والبيات) مصحفة.
(٢) زيادة ليست في الأصل ، اقتضاها السياق.
(٣) في الأصل : (يعيطوا) ونظره بمعنى تأمله بعينه.
(٤) في الأصل : (يذكر).
(٥) الأعراف : ٥٧.
(٦) في الأصل : (روجا .. يتسمون .. وينقلبون).
(٧) في الأصل : (سقافيهم ..).
(٨) في الأصل : (نصر بكثر).
(٩) في الأصل : (ضرورها إليّ).
(١٠) في الأصل : (يزالها).
(١١) في الأصل : (نعمة).
(١٢) في الأصل : (للنحل).
(١٣) في الأصل : (يفحصها) ، وفضّخ النخل : احمرّ واصفر.
(١٤) في الأصل : (التناوى).
(١٥) السمائم : جمع سموم.