يَفْعَلُونَ) (١) وقرنهم (٢) تعالى بشرّ صنف وهم الكهنة فقال : (وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ (٤١) وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (٣).
ولما كانت لمتعاطيه سبيل محمود غير تلك السبيل المذمومة أوقع الله في أمرهم استثناء (٤) فرّق به بين الغرضين (٥) ، فقال : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا) (٦).
قال : فنحن نعلم أنه لو ضمن الشعر ألفاظا تشتمل تسابيح لله ومحامده والموعظة الحسنة ، والحض على الخيرات ، ومكارم الأخلاق ، ومحاسن الأمثال لما كان يدخل ذلك في الشعر (٧) الذي كره الاستكثار من روايته ، لأن المنظوم إنما يباين المنثور بالوزن (٨). ومن المحال أن يكون الوزن الذي هو أشرف فضائل الكلام يخرجه من حيز (٩) الذم ، فالشعر إنما يصير مذموما بمعانيه دون ألفاظه ، ومن أجل ذلك استحسن (١٠) جواب من سئل من أئمة أهل الدين عن الشعر فقال :
(كلام فحسنه حسن وقبيحه فبيح) (١١).
__________________
(١) الشعراء : ٢٢٤ ـ ٢٢٦.
(٢) في الأصل : (وقرتهم) محرفة.
(٣) الحاقة : ٤١ ، ٤٢.
(٤) في الأصل : (استنسا).
(٥) في الأصل : (العرصين).
(٦) الشعراء : ٢٢٧.
(٧) في الأصل : (ذلك الشعر) والزيادة لتستقيم العبارة.
(٨) في الأصل : (وبالوزن).
(٩) في الأصل : (خير).
(١٠) في الأصل : (استحسن).
(١١) في الحديث الشريف أن الرسول صلىاللهعليهوسلم قال : (الشعر بمنزلة الكلام ، حسنه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيح الكلام) الأدب المفرد للبخاري ص ٢٢٩ ، والدارقطني ص ٤٩٠ باب الوصايا ، وقد ورد في الإقناع عن غذاء الألباب ١ / ١٨٠ ، وينسب للشافعي قوله : (الشعر كلام ، فحسنه كحسنه ، وقبيحه كقبيحه ، وفضله على الكلام أنه سائر) الأم ٦ / ٢١٢ ، ومختصر المزني ٥ / ٢٥٨ ، وأدب القاضي للماوردي ٣ / ٤٨٢٥.