وها (١) نحن منقلبون إلى بلاد الجبل ، في ظل الأقيال (٢) وكنف الله ذي الجلال. وقد رأينا الخبر كما خبر الله في الصلح ، وأخذنا كما أمر الله بالصفح ، وتقربنا إلى الله بالقربى لم نستجز غلولها (٣) ، وجنحنا ـ ـ على الله للسلم (٤) ما جنحوا لها.
فصل
في الإحماد (٥) والتقريظ
وقال الإسكافي عن الملك نوح إلى ابن ملك :
والله قبل وبعد يحمد بأحبّ (٦) محامده إليه ، وأزكاها لديه ، على ما وهب لنا منك ثم على ما وهب لنا بك ، فإنهما منحتان (٧) يتنازعان الشرف والعلا ، ويتقارضان الحسن والبهاء ، في كل منهما للعين قرة ، وللقلب مسرة ، وللسان الشكر تعب ، وليد الجزاء نصب ، ولن يلطف لمثلها إلّا اللطيف لما يشاء ، الفعّال لما يريد (٨) ، ذلك الله الجبار ، القهّار ، الحميد ، المجيد ، الغفار. وقد أراح الله من كل وجه عليك ، وأكمل قوتك وجعل يدك الطولى (٩) ، وكلمتك العليا ، وجدّك (١٠) الأجد ، وباعك الأشد ، وكيف لا يكون كذلك وقد سربت نفسك ابتغاء (١١) مرضاتنا ، ووليت وجهك تلقاء (١٢) راياتنا ، وتحمّلت لواحتنا الكمد ، ولقيت لمسرتنا الجهد.
__________________
(١) في الأصل : (وهانا نحن) وأثبتنا الصواب.
(٢) الأقيال : جمع قيل ، وهم ملوك اليمن ، ويقصد بهم الملوك عامة.
(٣) في الأصل : (يستجر غلولها) ، والغلول : المغانم.
(٤) في الأصل : (علم الله السلم).
(٥) في الأصل : (الأحمار).
(٦) في الأصل : (يحمدنا حب).
(٧) في الأصل : (حبختان).
(٨) في الأصل : (ولمل يريد) ، وفيه إشارة إلى سورة البروج : ١٦.
(٩) في الأصل : (الصولي).
(١٠) في الأصل : (وجدل) محرفة ، والجد ، العظمة والحظ.
(١١) في الأصل : (تبقا).
(١٢) في الأصل : (تلقا).