وقال ابن عباد في العفو عن عدو مستأمن (١) :
وتقدمت بتسكين روعته ، ووعدته استيهاب حوبته لتوبته ، وإن كانت توبة قيد إليها بخزامة (٢) الاضطرار ، دون حرمة الاختيار. فقد كان يسرع لو كتب عليه المثل وقيل له : (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ) (٣) ولجأت إلى مسألة مولانا أؤمل لهذه (٤) الغاية عفوه ، لما أخشى عليه سطوة تغلب قضية البقيا (٥) وتقدم ثواب الآخرة على تشفّي (٦) الدنيا ، واحتسب الأجر في نفس سائله ، وحشاشة جائله ، فأكرمني بإحيائه وتشفيعه (٧) (وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ) (٨). وعدت وقد درى من سمع ووعى (٩) ، ونظر ورعى أنّ الله تعالى ملك أزمة الدهر ؛ فيسهّل المعسر ، ويقيل المعتّر (١٠) ، ويجيب المضطر ، ولا يبتهل عوز العقوبة ، ويحوز فرض المثوبة.
وله في مثل ذلك :
وأدركته من مولانا نظرة كريمة ، وعطفة رحيمة استنقذت (١١) حياته من قبضة الأجل ، وفسحت له في الأرض بعد الوجل. إنّ لطف الله جسيم (يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ
__________________
(١) في الأصل : (مسامن).
(٢) في الأصل : (استهاب جوبته .. بحزامه).
(٣) يونس : ٩١. الأصل : (حرامة الاختبار).
(٤) في الأصل : (أمل .. لهذا).
(٥) كذا في الأصل ، والبقيا من قولهم : أبقيت على فلان إذا رحمته والاسم منه البقيا. وفي الأصل تقدم.
(٦) في الأصل : (يشفى).
(٧) في الأصل : (جائله : (جائله .. أحيائه وتشفيعا).
(٨) المائدة : ٣٢.
(٩) في الأصل : (ذرى .. ووعى).
(١٠) في الأصل : (من تبل .. ويقتل المعتر).
(١١) في الأصل : (استنفذت).