وأمّا ما تشكّكون به من اختلاط أجزاء الأموات بعضها ببعض فهو أمر سهل أمام سعة علمه سبحانه بالغيب ، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ، فهو يعلم بذرات بدن كلّ إنسان ويميّزه عن غيره ، ومع علمه سبحانه فالأجزاء ثابتة في كتاب مبين لا تتغير ولا تتبدل.
وأمّا الآية السادسة : يقول سبحانه : (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبّي لَتُبعَثُنّ ثُمْ لتُنَبَّؤُنّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلى اللهِ يَسير). (١)
تشير الآية إلى إنكار الوثنيين الذين كانوا ينكرون البعث ، فأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالإجابة على إنكارهم بإثبات ما نفوه من الكلام مقروناً بأصناف التأكيد بالقسم واللام والنون وقال : (وَرَبّي لَتُبعَثُنّ ثُمْ لتُنَبَّؤُنّ).
وأشار في ذيل الآية إلى أنّ البعث أمر يسير عليه تعالى ، وانّ ما طرحوه من شبهات حول البعث فهي ـ في الواقع ـ شبهات لا تصمد أمام قدرة الله وعلمه الواسع.
وأمّا الآية السابعة : أعني قوله سبحانه : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إي وَرَبّي إنّهُ لحقّ وما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِين). (٢)
سياق الآية يوحي إلى أنّ المشركين كانوا يستخبرون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن نزول العذاب أو وقوع البعث ، فأمره سبحانه بأن يجيب مؤكداً ، فقال : (قل إي وربّي انّه لحقّ) وقد أكد الكلام بالقسم والجملة الاسمية ، و «انّ» المشبهة و «اللام ،» ثم أشار إلى أنّ الكافرين لا يعجزونه سبحانه عمّا أراد ، وقال : (وَما أَنْتُمْ بِمُعجِزين) ، وفي سورة المعارج قال مكانه : (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقين).
__________________
(١) التغابن : ٧.
(٢) يونس : ٥٣.