وجه الصلة أنّه سبحانه بعث الأنبياء عامة ، والنبي الخاتم خاصة لهداية الناس وإنقاذهم من الضلالة وإيقاظهم من السكرة التي تعمُّ الناس ، وبما أنّ القوم كانوا في سكرتهم يعمهون وفي ضلالتهم مستمرون ، حلف سبحانه تبارك وتعالى بعمر النبي الذي هو مصباح الهداية والدليل إلى الصراط المستقيم.
المقام الثاني : الحلف بوصف النبي وأنّه شاهد
حلف القرآن الكريم في سورة البروج بالشاهد والمشهود ، وقال : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُروج* وَالْيَومِ المَوعُودِ* وشاهدٍ وَمَشْهُودٍ* قُتِلَ أَصحابُ الأُخدُود). (١)
أمّا المشهود فسيوافيك في فصل القسم في سورة القيامة انّ المراد منه يوم القيامة بشهادة ، قوله سبحانه : (ذلِكَ يَومٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاس وَذلِكَ يَومٌ مَشْهُود) (٢) ، إنّما الكلام في الشاهد ، فالمراد منه هو النبي الخاتم صلىاللهعليهوآلهوسلم بشهادة أنّه سبحانه وصفه بهذا الوصف ثلاث مرّات ، وقال :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً). (٣)
(انّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ). (٤)
(إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً). (٥)
والآيات صريحة في حقّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي بعض الآيات عرّفه بأنّه (شهيداً) ، ويقول : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلى النّاسِ وَيَكونَ الرَّسُولُ
__________________
(١) البروج : ١ ـ ٤.
(٢) هود : ١٠٣.
(٣) الأحزاب : ٤٥.
(٤) المزمل : ١٥.
(٥) الفتح : ٨.