الفصل السادس
القسم في سورة المدثر
حلف سبحانه في سورة المدثر بأُمور ثلاثة ، هي : القمر ، والليل عند إدباره ، والصبح عند ظهوره ، قال : (وما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلّا هُوَ وَما هِيَ إِلّا ذِكْرى لِلْبَشَر* كَلّا وَالقَمَرِ* وَاللّيلِ إِذا أَدْبَر* والصُّبحِ إِذا أَسْفَرَ* إِنَّها لإحْدَى الكُبَرِ* نَذيراً لِلْبَشَرِ* لِمَنْ شاءَ مِنْكمْ أَنْ يَتَقدَّمَ أَو يَتَأَخَّرَ). (١)
تفسير الآيات
حلف سبحانه في هذه الآيات بأُمور ثلاثة ترتبط بعضها بالبعض ، ويأتي الثاني عقب الأوّل.
فأمّا القمر يتجلّى في اللّيل ، ولولا الليل لما كان لضوئه ظهور ، لأنّه يختفي نوره في النهار لتأثير الشمس فإذا تجلّى القمر في الليل شيئاً فشيئاً فيأتي نهاية الليل ، الذي عبّر عنه سبحانه : (إِذا أدْبر) وتكون النتيجة طلوع الفجر الذي عبر عنه سبحانه (والصُّبحِ إِذا أَسْفَر) ، فكأنّه يقول سبحانه : احلف بتجلّي القمر في وسط السماء الذي يسير مع الليل شيئاً فشيئاً ، إلى أن يدبر ويسفر الصبح ، هذا مفاد الآيات التي تضمّنت المقسم به.
ثمّ إنّ الكُبُر جمع الكبرى ، وهي العظمى أي إحدى العظائم ، وأمّا ما هو
__________________
(١) المدثر : ٣١ ـ ٣٧.