ويشير إلى الأمن بقوله سبحانه : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الحَرام قِياماً لِلنّاسِ وَالشَّهْرَ الحَرامَ) (١) وصف البيت بالحرام ، حيث حرّم في مكانه القتال ، وجعل الناس فيه في أمن من حيث دمائهم وأعراضهم وأموالهم.
فهذه الآيات تشير إلى مكانة البلد الذي احتضن البيت الحرام ، ذلك المكان المقدس الذي حاز على أهمية بالغة عند المسلمين على اختلاف نحلهم ، فإليه يوجِّه الناس وجوههم في صلواتهم وفي ذبائحهم وعند احتضار أمواتهم.
وفضلاً عن ذلك فانّه يعد ملتقىً عبادياً وسياسياً لحشود كبيرة من المسلمين ، وما يترتب عليه من نتائج بناءة على صعيد مدِّ جسور الثقة بين كافة النحل الإسلامية. وبتبعه حاز البلد على مكانة مقدسة جعلته صالحاً للقسم به.
المقسم عليه
المقسم عليه للأقسام الأربعة ـ أعني : التين ، الزيتون ، طور سينين ، البلد الأمين ـ هو قوله سبحانه : (لَقَدْخَلَقْنَا الإِنْسانَ في أَحْسَنِ تَقْويم* ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلين) فيقع الكلام في أمرين :
أ : ما هو المراد من خلق الإنسان في أحسن تقويم ثمّ ردّه إلى أسفل سافلين؟
ب : ما هي الصلة بين الأقسام الأربعة وهاتين الآيتين اللتين هما المقسم عليه للأقسام الأربعة.
أمّا الأوّل فربّما يقال : انّ المراد من خلق الإنسان في أحسن تقويم هو جودة
__________________
(١) المائدة : ٩٧.