وكأنّه قال : فلا
أقسم بالجوار الخنس والكنس ، فقد ذهب أكثر المفسرين أنّ المراد من الجواري التي
لها هذان الوصفان هي الكواكب الخمسة السيارة التي في منظومتنا الشمسية ، والتي
يمكن رؤيتها بالعين المجردة ، وهي عطارد ، الزهرة ، المريخ ، المشتري ، زحل ويطلق
عليها السيارات المتغيرة.
وتسمية هذه الخمسة
بالسيارات والبواقي بالثابتات لا يعني نفي الجري والحركة عن غيرها ، إذ لاشك انّ
الكواكب جميعها متحركات ، ولكن الفواصل والثوابت بين النجوم لو كانت ثابتة غير
متغيرة فتطلق عليها الثابتات ، ولو كانت متغيرة فتطلق عليها السيارات ، فهذه
السيارات الخمسة تتغير فواصلها عن سائر الكواكب.
إذا عرفت ذلك :
فهذه الجواري الخمس لها خنوس وكنوس ، وقد فسرا بأحد وجهين :
الأوّل : أنّها
تختفي بالنهار ، وهو المراد من الخنّس ، وتظهر بالليل وهو المراد من الكنّس.
يلاحظ عليه : أنّ
تفسير خنس بالاختفاء لا يناسب معناها اللغوي ، أعني : الانقباض والتأخر إلّاأن
يكون كناية عن الاختفاء.
كما أنّ تفسير
الكنس بالظهور خلاف ما عليه أهل اللغة في تفسيره بالاختفاء ، وما ربما يقال : من
أنّها تظهر في أفلاكها كما تظهر الظباء في كنسها ، لا يخلو من إشكال ، فأنّ الظباء لا تظهر في كنسها بل
تختفي فيها.
ولو سلمنا ذلك
فالأولى أن يفسر الجواري بمطلق الكواكب لا الخمسة المتغيرة.
__________________