وثمة نكتة جديرة
بالإشارة وهي أنّ أكثر المفسرين حينما تطرّقوا إلى الأقسام الواردة في القرآن
الكريم ركّزوا جهودهم لبيان ما للمقسم به من أسرار ورموز كالشمس والقمر في قوله
سبحانه : (والشَّمْسِ وَضُحاها*
وَالْقَمرِ إِذا تَلاها) أو قوله : (وَالتِّينِ
وَالزَّيْتُون) ، ولكنّهم غفلوا عن البحث في بيان الصلة والعلاقة بين
المقسم به والمقسم عليه لاحظ مثلاً قوله سبحانه : (وَالضُّحى * وَالليلِ
إِذا سَجى * ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) فالضحى والليل مقسم بهما وقوله : (ما ودَّعك ربّك وما قلى) هو جواب القسم الذي نعبّر عنه بالمقسم عليه ، فهناك صلة في
الواقع بين المقسم به والمقسم عليه ، وهو أنّه لماذا لم يقسم بالشمس ولا بالقمر
ولا بالتين ولا بالزيتون بل حلف بالضحى والليل لأجل المقسم عليه أعني قوله : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى؟)
وصفوة القول : إنّ
كلّ قسم جدير لتحقيق الخبر ، ولكن يقع الكلام في كلّ قسم ورد في القرآن الكريم
أنّه لماذا اختار المقسم به الخاص دون سائر الأُمور الكثيرة التي يقسم بها؟ فمثلاً
: لماذا حلف في تحقيق قوله : (ما ودّعك) بقوله : (والضحى والليل) ولم يقسم بالشمس والقمر؟ وهذا هو المهم في بيان أقسام
القرآن ، ولم يتعرّض له أكثر المفسرين ولا سيما ابن قيم الجوزية في كتابه «التبيان
في أقسام القرآن» إلّانزراً يسيراً.
ثمّ إنّ الغالب هو
ذكر جواب القسم ، وربما يحذف كما يحذف جواب لو كثيراً ، أمّا الثاني فكقوله سبحانه
: (وَلَو أَنَّ قُرآناً
سُيِّرَتْ بِهِ الجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ
__________________