الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً) والملاحظ أن الله عزوجل ختم سورة الطلاق بذكر خلق السموات والأرضين ليهيج عباده على الإيمان والالتزام ، وفي ذلك كذلك مظهر من مظاهر التفصيل ، واتصال سورة الطلاق بمحورها من سورة البقرة ، والملاحظ أن المقطع الأول من القسم الأول من سورة البقرة ختم بقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) وقد جاء في خاتمة سورة الطلاق بعض هذا مما يؤكد صلة السورة بمحورها وامتداداته وارتباطاته ، وأن السياق الخاص للسورة كان واضح الترابط والاتصال ، فلا نقف أكثر من ذلك عنده. ولنبدأ بنقل بعض الفوائد المتعلقة بالسورة.
الفوائد :
١ ـ بمناسبة قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) قال ابن كثير : (وروى البخاري عن ابن شهاب قال : أخبرني سالم أن عبد الله بن عمر أخبره أنه طلق امرأة له وهي حائض ، فذكر عمر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فتغيظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم قال : «ليراجعها ، ثم يمسكها حتى تطهر ، ثم تحيض فتطهر ، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها ، فتلك العدة التي أمر بها الله عزوجل» هكذا رواه البخاري ههنا وقد رواه في مواضع من كتابه ومسلم ولفظه : «فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء» ورواه أصحاب الكتب والمسانيد من طرق متعددة وألفاظ كثيرة وموضع استقصائها كتب الأحكام ، وأحسن لفظ يورد ههنا ما رواه مسلم في صحيحه من طريق ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة يسأل ابن عمر ـ وأبو الزبير يسمع ـ : كيف ترى في الرجل طلق امرأته حائضا؟ فقال : طلق ابن عمر امرأته حائضا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ليراجعها» فردها وقال : «إذا طهرت فليطلق أو يمسك» قال ابن عمر : وقرأ النبي صلىاللهعليهوسلم (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) في قبل عدتهن. وروى الأعمش عن عبد الله في قوله تعالى : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) قال : الطهر من غير جماع ، وروي عن ابن عمر وعطاء ومجاهد والحسن وابن سيرين وقتادة وميمون بن مهران ومقاتل بن حيان مثل ذلك ، وهو رواية عن عكرمة والضحاك وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) قال : لا يطلقها وهي حائض ، ولا في طهر قد جامعها فيه ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها