سورة النساء
مدنية ، وعدد آياتها ١٧٦ آية
١ ـ (يا أَيُّهَا النَّاسُ ...) الناس : جمع إنسان ، وهذا الخطاب عام لجميع المكلفين من بني البشر (اتَّقُوا رَبَّكُمُ) أي اجتنبوا سخطه وغضبه باجتناب معاصيه والائتمار بأوامره. (الَّذِي خَلَقَكُمْ) برأكم من العدم بقدرته (مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) أراد بها سبحانه نفس أبينا آدم (ع). (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) أي حوّاء (ع) خلقها من فاضل طينته وجعلها زوجة له. (وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) ونشر من آدم وحواء بطريق التناسل كثيرا من الجنسين ذكورا وإناثا. (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ) أي : تتساءلون والمعنى : كما تعظمون الله في أقوالكم عند ما يسأل بعضكم بعضا فتقولون : أسألك الله وأنشدك الله وبربك أن تفعل كذا فعظّموه أيضا بأفعالكم وذلك بأن تأتمروا بأوامره وتنزجروا عند زواجره فتكونون قد اتقيتموه (وَالْأَرْحامَ) أي واتقوا الأرحام بأن تصلوها ولا تقطعوها. (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) أي أن الله يراقبكم في أمر صلة الرحم.
٢ ـ (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ...) الخطاب في الآية موجّه لأوصياء اليتامى ، وهو يعني : لا تمنعوا عنهم أموالهم فأعطوهم في حال صغرهم بالإنفاق عليهم منها اقتصادا ، وفي حال كبرهم ـ مع تحقق رشدهم المالي ـ بتسليمها إليهم تامة. واليتيم من مات أبوه ولم يبلغ الحلم. (وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ) أي المال الحرام الذي حرم بالكسب أو بأكله من أموال اليتامى (بِالطَّيِّبِ) من الأموال التي أحلّها الله عليكم. (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) أي لا تأكلوها مع أموالكم. وذكر الأكل بالنسبة إلى الأموال فلأنه أظهر مصاديق التصرف. (إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً) والحوب هنا الذنب الكبير ، أي أن أكل مال اليتم بغير وجه حق هو ذنب كبير.
٣ ـ (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى ...) أي إذا خفتم عدم العدل في رعاية حقوق اليتامى من النساء فلا تزوّجوهنّ (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ) يعني : تزوّجوا ما حلّ لكم ـ لا ما لذّ لكم ـ (مِنَ النِّساءِ) سائر النساء اللائي من غير اليتامى أو منهن. (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) أي إذا لم تكتفوا بواحدة فانكحوا من غير اليتامى إلى أربع لا أزيد بالنكاح الدائم. (فَإِنْ خِفْتُمْ) أي حذرتم (أَلَّا تَعْدِلُوا) حالة الجمع بينهنّ (فَواحِدَةً) لا أكثر. (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أو انكحوا الإماء المتعددات الواحدة والإماء العديدة بأي مقدار كنّ لقلّة مؤونتهنّ وخفة مصرفهنّ وعدم وجوب القسم بينهنّ وفي حكمهنّ المتعة. ففي الكافي عن الصادق عليهالسلام ـ في روايات كثيرة ـ أنها ليست من الأربع ولا من السبعين ، وأنهنّ بمنزلة الإماء لأنهنّ مستأجرات (ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أي أن اختيار الحرة الواحدة أو التسرّي أقرب إلى ألّا تميلوا إلى الجور والنقص في نفقة ذات النفقة.
٤ ـ (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً ...) والصّدقات جمع صدقة ، وهو اسم لمهر المرأة. والنحلة ، هي العطية من الله والتفضّل منه عليهن إذ فرض لهنّ ذلك على الرجال. والمعنى وأعطوا النساء مهورهن عطية من الله. (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً) أي : إذا أعطينكم شيئا من مهورهنّ عن طيب نفسهنّ (فَكُلُوهُ) أي خذوا الموهوب لكم. (هَنِيئاً) أي طيبا (مَرِيئاً) أي سائغا محمود العاقبة.
٥ ـ (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ ...) خطاب للأولياء والأوصياء. ولا تعطوا السفهاء : قيل بأنهم النساء والأطفال. وقيل النساء خاصة وقيل السفيه هو كل مبذر للمال أو مسرف في صرفه (الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) أي التي جعل لكم الله الحق في القيام عليها لحفظها وصيانتها. (وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ) أي لا تمنعوهم عن الارتزاق بأموالهم من الطعام والشراب والمسكن والملبس وغير ذلك من ضروريات الحياة اللائقة بحالهم. (وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) أي قولا حسنا جميلا مقبولا شرعا.
٦ ـ (وَابْتَلُوا الْيَتامى ...) أي اختبروهم بتتبّع أحوالهم (حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) رمز إلى البلوغ الشرعي من نبات العانة والاحتلام أو إكمال خمس عشرة سنة للذكر وتسع سنوات للأنثى. وقيل : المقصود ببلوغ النكاح القدرة على الوطء (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) أي