(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ) أقلعوا عن معاصيه وارجعوا إلى طاعته ولتكن توبتكم (تَوْبَةً نَصُوحاً) أي خالصة لوجه الله (عَسى رَبُّكُمْ) أي بأمل أن ربّكم أوجب على نفسه أن (يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) يمحوها عنكم (وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) مر معناه (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) أي لا يذلّهم بدخول النار بل يعزّهم بإدخالهم الجنة يوم القيامة (نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) مرّ تفسيره في سورة الحديد (يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا) أي اجعله تامّا لنا بتوفيقنا إلى سببه وهو الطاعة (وَاغْفِرْ لَنا) أي أعف عن معاصينا (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) واضح المعنى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ) أي قاتلهم (وَ) جاهد (الْمُنافِقِينَ) بالقول لردعهم عن كل ما يفعلونه من قبائح (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) أي تشدّد بإقامة الحد عليهم (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) وهي مآلهم ومستقرّهم.
١٠ إلى آخر السورة ـ (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ...) أي ذكر سبحانه مثلا على الكفار بقوله : إن (امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ) أي كانتا زوجتين لنبيّين من رسلنا (فَخانَتاهُما) فلم تحفظا رسالتهما ولا عملتا بدينهما وليس المقصود بالخيانة إتيان الفاحشة (فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً) أي لم يغن نوح ولا لوط عن زوجتيهما شيئا من العذاب مع أنهما نبيّين ، (وَقِيلَ) أي يقال لهما يوم القيامة : (ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) فأنتما من أهل النار معهم (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) أي وذكر مثلا (لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ) وهي آسية بنت مزاحم فإنها لمّا رأت معجزة العصا من موسى آمنت وعلم فرعون إيمانها فنهاها عن ذلك فامتنعت ، فعاقبها بأن شدّ يديها ورجليها بالحبال إلى أربعة أوتاد في مكان معرّض للشمس ، ثم ألقى عليها صخرة عظيمة. (إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) فرفعها الله سبحانه إليه شهيدة تأكل وتشرب (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) أي خلّصني منه ومن كفره (وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي من أعوان فرعون الظالمين لأنفسهم ولغيرهم (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) أي منعته من دنس المعصية وقيل : امتنعت عن الأزواج (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) أي نفخ جبرائيل جيبها فكان عيسى (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها) آمنت بما جاء عن ربّها (وَ) صدّقت ب (كُتُبِهِ) المنزلة على رسله (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) أي من الرهط المطيعين لله تعالى.