سورة التحريم
مدنية ، عدد آياتها ١٢ آية
١ و ٢ ـ (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ ...) الخطاب له (ص) أي : تجعل الحلال لك حراما على نفسك؟ ولذلك قصة جرت بين رسول الله (ص) وبعض زوجاته كانت سببا في نزول هذه السورة فلتراجع في المطولات. (تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) أي طلبا لرضاهنّ مع أنهنّ هنّ أحقّ بطلب رضاك (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) مر معناه (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) أي قد قدّر لكم ما تتحلّلون به من أيمانكم إذا حصلت منكم ، ثم شرع لكم أن تحنثوا بها لتنحلّ (وَاللهُ مَوْلاكُمْ) أي وليكم أيّها المؤمنون يحفظكم وينصركم (وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) مر معناه.
٣ إلى ٥ ـ (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ ...) وهي حفصة (حَدِيثاً) أي كلاما أمرها بكتمانه (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ) أي أخبرت غيرها بما أسرّ به إليها (وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ) أي أطلع نبيّه (ص) على ما وقع من حفصة من إفشاء سرّه (عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) أي أخبر النبيّ (ص) حفصة بعض ما ذكرت ولم يخبرها ببعضه الآخر. وهذا يدل بأنه (ص) قد علم بكل ما قالته لأن إعراضه عن بعض يدل على تمام معرفته ، وهذا من كرم خلقه (ص) فلم يستقص معها كلّ ما عرفه من قولها (فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ) أي حين أخبرها بما علم من أمرها (قالَتْ) حفصة له : (مَنْ أَنْبَأَكَ هذا) يعني من أخبرك به (قالَ) (ص) (نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) أي أخبرني به العليم بجميع الأمور ، الخبير بذوات الصدور. ثم خاطب عائشة وحفصة معا : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) من المعاونة على إيذاء النبيّ (ص) والاتفاق عليه فقد وجبت عليكما التوبة مما كان منكما (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) أي مالت إلى الإثم (وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ) أي تتعاونا على إيذائه وتتّفقا (فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ) أي حافظه وناصره (وَجِبْرِيلُ) كذلك مولاه (وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) يعني الأخيار منهم هم أولياؤه أيضا (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) أي والملائكة أعوانه بعد الله تعالى وجبرائيل وصالح المؤمنين. (عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ) أي واجب منه سبحانه إن طلّقكنّ يا نساء النبيّ (أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَ) أي أن يعطيه بدلكنّ من هنّ أصلح له منكن (مُسْلِماتٍ) أي راضيات بأمر الله (مُؤْمِناتٍ) مصدّقات بالله وبرسوله (قانِتاتٍ) أي خاضعات خاشعات لله ومطيعات لأزواجهن (تائِباتٍ) مستغفرات من الذنوب (عابِداتٍ) لله تعالى بالفروض والسّنن (سائِحاتٍ) ماضيات في الطاعة ، وقيل صائمات (ثَيِّباتٍ) وهنّ اللواتي افتضّ أزواجهنّ بكاراتهنّ (وَأَبْكاراً) أي عذاري.
٦ إلى ٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً ...) أي احرسوا وامنعوا أنفسكم وأهليكم النار بالصبر على الطاعات وعن المعاصي (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) أي أن حطبها من الناس وحجارتها من الكبريت الذي يلتهب (عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ) أي أنه موكّل بها زبانية غلاظ القلوب أقوياء لا يرحمون أهل النار (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) أي لا يخالفون ما حكم به الله على العصاة ولا تأخذهم بأحد رحمة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) أي أنهم حين يعذّبون بذنوبهم يشرعون في الاعتذار عمّا فرط منهم فيقال لهم : دعوا أعذاركم التي لا تسمع لأنكم (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي إنما تلقون جزاء أعمالكم التي فعلتموها.