٧٨ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ ...) إلخ هذه الشريفة نزلت لتسلية النبيّ (ص) وإجمالها أن الرّسل الذين أرسلناهم قبلك منهم من تلونا عليك ذكره ومنهم من لم نتل عليك ذكره (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) أي أن الإتيان بالمعجزات ليس إلى الرسول بل إلى الله يأتي بها على وجه المصلحة (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللهِ) بالعذاب عاجلا أو آجلا (قُضِيَ بِالْحَقِ) أي حكم بالعدل بين المحق والمبطل (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ) أي المعاندون باقتراح الآيات حيث يدخلون النار يوم القيامة بدل الجنة.
٧٩ ـ (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ ...) من الإبل والبقر والغنم ، ويلحق بها الخيل والحمير والبغال (لِتَرْكَبُوا مِنْها وَمِنْها تَأْكُلُونَ) أي لتنتفعوا بركوب بعضها وبأكل لحوم بعضها الآخر.
٨٠ ـ (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ ...) أي منافع أخرى غير الأكل والركوب كالألبان والجلود والأوبار والشعور (وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) كالتجارة في البلاد المتقاربة والمتباعدة والزيارة وحج بيت الله وغير ذلك (وَعَلَيْها) أي على ذوات القوائم كالإبل (وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) أي السّفن البحريّة تركبون مع ما كان معكم من الأحمال والأثقال.
٨١ ـ (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ ...) أي هو سبحانه يعرّفكم دلائل قدرته وتوحيده ورحمته ، فأيّ آيات الله تنكرون بعد وضوحها بحيث لا ينكرها ذو إدراك.
٨٢ ـ (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ...) أي بأن يمروا في أقطارها (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الأمم الماضية التي أهلكناها ، (كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ) عددا وعدّة (وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) من قصور مشيّدة ومصانع عالية وحصون مرتفعة. (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) من جمع الأموال والجنود والأبنية فإنها جميعا صارت معرضا للهلاك.
٨٣ ـ (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ ...) أي فلما أتى هؤلاء الكفار رسلهم الذين دعوهم إلى عبادة الله وحده وأقاموا لهم الحجج على حقانية ما يدعونهم إليه. (فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) أي أعجبوا بما زعموه علما من شبههم الباطلة في نفي البعث وإنكار الصّانع وتكذيب الرّسل والكتب السماويّة واحتقروا علوم الأنبياء ودعاويهم (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي نزل عليهم وأحاط بهم العذاب جزاء لاستهزائهم وسخريتهم بالرّسل وعلومهم.
٨٤ ـ (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا ...) أي لمّا شاهدوا شدّة عذابنا قالوا صدّقنا (بِاللهِ وَحْدَهُ) وآمنّا بأنه لا إله إلّا هو (وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ) أي مشركين بالله بعبادتنا للأصنام.
٨٥ ـ (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ ...) إلخ لأن الإيمان الإلجائيّ لا يقبل لأنهم ما آمنوا إلا عند ما رأوا عذاب الله وشدته (سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ) أي سنّ الله ذلك سنّة جارية ماضية في الأمم ، بأن الإيمان عند البأس لا يقبل (وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) بدخول النار وفوت الثواب والجنة.