٦٧ ـ (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ...) أي خلق أباكم آدم من تراب وأنتم سلالته (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) أي ثم انشأ من ذلك الأصل الذي خلقه من تراب النطفة. وهي الماء القليل من الرجل والمرأة يختلط في رحمها (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) أي قطعة من الدم (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) أي أطفالا واحدا واحدا. (ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) أي كمال قوتكم. (ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً) بعد ذلك (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ) أي قبل وصول الإنسان للمراتب الثلاث المذكورة (وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُسَمًّى) أي يبقيكم لبلوغكم آجالكم المعلومات عند بارئكم والتي تموتون عند حلولها. (وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي تتعقلون تلك العوالم الماضية وهذه الانتقالات من عالم إلى آخر فتستبصروا وتؤمنوا.
٦٨ ـ (هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ ...) أي الذي أحياكم وخلقكم من تراب بالكيفيّة المزبورة هو الذي يميتكم ويرجعكم إلى أصلكم ، (فَإِذا قَضى أَمْراً) أي فإذا أراده وحكم عليه (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي يفعل ذلك بلا تجشم كلفة وبلا صوت وبلا احتياج إلى كلام ونطق.
٦٩ ـ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ ...) إلخ ألا ترى يا محمد إلى هؤلاء المشركين المعاندين المخاصمين لإبطال آياتنا بلا حجة ولا سلطان (أَنَّى يُصْرَفُونَ) أي كيف يقلبون عن التّصديق بها مع كثرتها ووضوحها.
٧٠ إلى ٧٢ ـ (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ ...) أي بالقرآن وجحدوه (وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا) أي وكذبوا بما أرسلنا به رسلنا قبلك من كتب وشرائع. (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) عاقبة عدم تصديقهم وسوء خاتمة أمرهم (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) أي في حال كون الأغلال في أعناقهم. (وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ) أي يجرّون في الماء الشديد الحرارة. (ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) أي ثم يقذفون في النّار وقودا لها.
٧٣ و ٧٤ ـ (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ ...) إلخ أي يسأل خزنة جهنّم أهل الشّرك والعناد توبيخا : أين الذين كنتم تعبدونهم من دونه تعالى؟ (قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) أي غابوا عنّا بحيث لم نجدهم (بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً) أي لم نكن ندعوا شيئا يستحق العبادة ولا ما ينفعنا بعبادته. (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) أي كما أنه سبحانه أبطل ما كان مطمع نظر كفرة مكة من انتفاعهم بعبادتهم لأصنامهم كذلك يفعل بجميع أصناف الكفار فلا ينتفعون بشيء من أعمالهم.
٧٥ ـ (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ ...) إلخ أي هذا العذاب الذي جازاكم الله به بسبب فرحكم في الدنيا بأمر لم يكن حقا من عبادتكم للأصنام وتكذيبكم للرسل وبسبب أشركم وبطركم.
٧٦ ـ (ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ ...) وهي سبعة أبواب ، فادخلوها لتستقرّوا (خالِدِينَ فِيها) فهي مقدّرة للتأبيد فيها (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) عن الحق ، وبئس مقامهم جهنّم.
٧٧ ـ (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ...) فاصبر يا محمد على أذى قومك وتكذيبهم لك (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) أي أن ما وعد الله به المؤمنين من النصر في الدنيا وثواب الجنة في الآخرة أمر ثابت واقع لا محالة. (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) يعني : فإننا نريك بعض عذابهم الموعود في حياتك من القتل والأسر. (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل ذلك (فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) فنجازيهم على أعمالهم بما يستحقونه.