١٥ ـ (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ ...) أي أنجينا نوحا ومن ركب معه فيها. وهم أهله وعدة قليلة من المؤمنين به ولم يكونوا ظالمين. (وَجَعَلْناها) أي القصة أو الواقعة أو النجاة. (آيَةً لِلْعالَمِينَ) أي علامة للخلق من الأجيال اللاحقة بهم. يعتبرون بها.
١٦ ـ (وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ ...) إلخ. أي : اذكر يا محمد قصة إبراهيم إذ قال لقومه أطيعوا الله وخافوه بفعل ما أمركم به وترك ما نهاكم عنه. (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) أي الاتّقاء والعبادة خير لكم من شرككم (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ما فيه خيركم.
١٧ ـ (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ...) أي غير الله (أَوْثاناً) جمادات تسمّونها أربابا والوثن : الصنم (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) تكذبون كذبا في تسميتهم آلهة والإفك : الأمر المصروف عن وجهه قولا أو فعلا. (لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً) لا يقدرون أن يرزقوكم شيئا ممّا تحتاجون إليه (فَابْتَغُوا عِنْدَ اللهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ) العبادة ينبغي أن تختص بمن هو الرزاق ذو القوة المتين وهو الله (وَاشْكُرُوا لَهُ) إلخ. فإن الشكر قيد للنّعمة العاجلة وإليه تعودون يوم القيامة.
١٨ ـ (وَإِنْ تُكَذِّبُوا ...) أي محمدا (ص). وقيل بأنه خطاب لأمة إبراهيم (ع) (فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ) إلخ. أي كذبوا رسلهم ولم يضرّهم تكذيبهم وإنما ضرّوا أنفسهم. فكذا شركهم وتكذيبهم إيّاك يلحق ضرره بهم. ومعنى الشرط والجزاء في صدر الآية أن التكذيب هو المتوقع منكم لأنه كالسنّة الجارية في الأمم المشركة وقد كذّب من قبلكم وأنتم منهم في آخرهم وليس عليّ بما أنا رسول إلا البلاغ الواضح.
١٩ و ٢٠ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا ...) إلخ. أي كفار مكة ألم يتفكروا كيف أنشأ الله الخلق من العدم ثم يعيدهم ثانية بعد أن يميتهم ويعدمهم (قُلْ) يا محمد لهم (سِيرُوا ...) إلخ. انظروا وابحثوا هل تجدون غير الله خالقا ابتدأ هذا الخلق فإذا لم تجدوا غيره لزمتكم الحجة في أنه سبحانه هو المعيد لأنه لا يعجزه شيء. (إِنَّ ذلِكَ) المذكور من الإبداء والإعادة (يَسِيرٌ) سهل على الله إذا أراده كان.
٢١ ـ (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ ... وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ...) أي تردّون فيحاسبكم ويعذّب المستحقّ للعذاب ويرحم من يستحق الرحمة. وقيل : بأن قلب الشيء تحويله عن وجه لله أو حاله كجعل أسفله أعلاه ، وجعل باطنه ظاهره ، وهذا المعنى يناسب قوله تعالى في سورة الطارق : يوم تبلى السرائر.
٢٢ ـ (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ...) أي لا يعجز الله عن إدراككم لو هربتم عن حكمه (فِي الْأَرْضِ) الواسعة أو (فِي السَّماءِ) التي هي أوسع من الأرض بمراتب كثيرة. (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) مانع يمنعكم منه (وَلا نَصِيرٍ) ناصر يحرسكم ويدفع عنكم عذابه.
٢٣ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ ...) أي بدلائله الدالة على المعرفة والتوحيد أو كتبه (وَلِقائِهِ) أي البعث (أُولئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي) لإنكارهم البعث والجزاء. والمراد بالرحمة ما يقابل العذاب ويلازم الجنة ، وقد تكرر في كلامه تعالى إطلاق الرحمة على الجنة كما في الجاثية / ٣٠ ، والإنسان / ٣١. (وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) موجع.