٢٤ ـ (فَما كانَ جَوابَ ... إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ ...) هذا قول بعضهم والمراد بالقتل القتل بالسيف ونحوه. وقال آخرون : (أَوْ حَرِّقُوهُ) ونسبة كلّ واحد من الفعلين إلى جميعهم باعتبار رضاء الباقين حين قال البعض. (فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ) بعد ما رموه فيها بأن جعلها عليه بردا وسلاما (إِنَّ فِي ذلِكَ) أي في إنجائه (لَآياتٍ) إلخ. منها منعه من حرّها ، وسرعة إخمادها مع عظمها إلخ. كل ذلك حجج وبينات للمصدقين بوحدانية الله وقدرته.
٢٥ ـ (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ ... مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ ...) إلخ. أي قال إبراهيم لقومه : إنما اتخذتم الأوثان آلهة لتكونوا أهل ملّة واحدة فتتوادّون بينكم وتتواصلون فتكونون متّحدين في قبال أصحاب الحق في هذه الدنيا ومودّة بينكم صالح لأن يكون منصوبا بنزع الخافض بتقدير لام التعليل والمودة على هذا سبب لاتخاذ الأوثان ، وأن يكون مفعولا لأجله والمودة غاية مقصودة من اتخاذ الأوثان (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ) أي يتبرّأ بعضكم من بعض في الآخرة. (وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) أي يقوم التلاعن والتّعادي بينكم ، أو بينكم وبين المعبودين من الأوثان (وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) ما لكم أعوان يخلصونكم من عذاب الله.
٢٦ ـ (فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ ...) أي صدّق لوط إبراهيم في رسالته والإيمان يتعدى باللام كما يتعدى بالباء والمعنى واحد. (وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي) أي قال إبراهيم للوط ولزوجته سارة التي كانت بنت عمّه وقد آمنت به : إنّي خارج من قومي الظالمين إلى حيث أمرني ربّي أي من العراق إلى الشام. (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ) أي هو تعالى يمنعني من أعدائي (الْحَكِيمُ) الذي لا يأمرني إلّا بما فيه صلاحي.
٢٧ ـ (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ ...) أي رزقناه إسحاق ولدا من سارة بنت عمه وكان له من العمر حينئذ خمس وسبعون سنة. (وَيَعْقُوبَ) أي نافلة. والمراد بها هنا ابن الابن. (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ) أي ذرّية إسحاق أو يعقوب فإن كل نبيّ بعد إبراهيم كان منهما. كما أن التوراة والإنجيل والزبور والقرآن كلها أنزلت على ذريته. (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا) وهو الذكر الطيب والولد الصالح (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) أي أولي الدّرجات العليا مع المكمّلين في الصّلاح.
٢٨ ـ (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ ...) أي اذكر يا محمد لوطا حين قال لقومه (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) الفعلة الشّنعاء (ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ) إلخ. أي ما فعلها أحد قبلكم من الخلائق.
٢٩ ـ (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ ...) أي تفعلون معهم الفعل الشنيع. والاستفهام إنكاريّ لأمر من الحري أن لا يصدقه سامع ولا يقبله ذو عقل ولذا أكد بالنون واللام. (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) تتركون السبيل المعتاد للتناسل باختياركم الرجال على النساء. وقيل المراد أنهم كانوا لصوصا يقطعون الطرق على المسافرين ليسلبوهم. (وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ) أي المجلس ما دام أهله فيه (الْمُنْكَرَ) كالضّراط أو اللواط وكشف العورة ونحوها من المنكرات. (فَما كانَ جَوابَ ...) إلخ. أي كان ردّهم عليه بإصرارهم على إتيان ما نهاهم عنه وطلبهم ما توعدهم به من العذاب إن كان صادقا فيما ادعاه من النبوة.
٣٠ ـ (قالَ رَبِّ انْصُرْنِي ...) أي أعنّي (عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) بقبائح أعمالهم وسنّها في الناس.