٢٢ ـ (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ ...) أي نحو قرية شعيب (ع) بعد أن فرّ من أرض مصر. ومدين ـ كما في مراصد الاطلاع ـ تجاه تبوك على بحر القلزم بينهما ست مراحل ، وهي أكبر من تبوك وبها البئر التي استقى منها موسى لغنم شعيب (ع) كما قيل بأن بينها وبين مصر مسيرة ثمان ، وكانت خارجة من سلطان فرعون ولذا توجه إليها موسى (ع). (قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ) أي الطريق المؤدّي إلى النجاة أو الذي فيه صلاحي.
٢٣ ـ (وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ ...) أي وصل إليه وهو بئر لهم (وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ) أي على شفيره ، جماعة من أهل القرية يسقون مواشيهم (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ) في مكان أسفل من مكانهم (امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ) أي تمنعان أغنامهما عن الماء فسألهما (ما خَطْبُكُما؟) أي : لم تمنعان الأغنام عن شرب الماء؟ (قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ) أي ينصرف ويخلص جميع الرّعاة من السقي. (وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) كبير السّن لا يستطيع أن يسقي فيرسلنا اضطرارا.
٢٤ ـ (فَسَقى لَهُما ...) أي فروّى غنمهما (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِ) أي رجع إلى الشجرة التي كانت قريبة من البئر فجلس في ظلّها (فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) المراد بالخير في الكريمة هو ما يسدّ جوعه فقد كان منذ خرج من مصر لا يأكل إلا بقل الأرض. وقيل : إن المراد من قوله هذا إشارة إلى القوة البدنية التي كان يعمل بها الأعمال الصالحة التي هي رضى الله سبحانه كالدفاع عن الاسرائيلي والهرب من فرعون بقصد مدين وسقي غنم شعيب ...
٢٥ ـ (فَجاءَتْهُ إِحْداهُما ...) وهي أكبرهما سنّا (تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ) مستحيية وكانت تستر وجهها بكمّها ، (قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا) أي جزاء سقيك لنا. (فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ) أي لما جاء موسى شعيبا وحكى له ما جرى عليه من يوم ولادته إلى يوم فراره وتشرّفه بخدمة شعيب (ع) خوفا من فرعون ، (قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي قال شعيب لموسى لا تخف نجوت من فرعون وقومه حيث أنّه لا سلطان له على أرضنا ولسنا في مملكته.
٢٦ ـ (قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ...) أي اتّخذه أجيرا لرعي أغنامنا (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) أي أحسن من تتّخذه أجيرا هو الرجل القويّ على العمل الأمين على أداء الأمانة.
٢٧ ـ (قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ ...) أي واحدة من هاتين وكانت هي الكبرى (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي) أن تكون أجيرا لي (ثَمانِيَ حِجَجٍ) ثماني سنين (فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ) أي أنت مخيّر في الإتمام ، فإتمامه من عندك تفضّل ، (وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ) أي أجور وأظلم بإلزامك بالعشرة أو بالمناقشة في استيفاء الأعمال (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ) للتبرّك (مِنَ الصَّالِحِينَ) أي في حسن الصّحبة والوفاء بالعهد.
٢٨ ـ (قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ...) أي قال موسى إن الذي شارطتني عليه قد تمّ بيني وبينك (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) أي من الثماني أو العشر أتممت فلي أن أختار أي الأجلين شئت فإن اخترت الثمان فليس لك أن تعدو علي وتلزمني بالزيادة ، وإن اخترت الزيادة عليها فليس لك أن تعدو علي بمعني عنها. (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) بطلب الزيادة منك أو بترك الزائد مني. (وَكِيلٌ) أي هو تعالى على ما نقول ونشارط شهيد.