٦ ـ (وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) نقوّيهم ونسلّطهم على أرض مصر ونعطيهم مكانا يملكونه ويستقرون فيه. وعن الخليل : إن المكان مفعل من الكون ، ولكثرته في الكلام أجري مجرى فعال فقيل : تمكن وتمسكن نحو تمنزل. (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) أي من بني إسرائيل ما كانوا يخافون من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولود منهم. فقد تعلقت الإرادة الإلهية بأن تنجي بني إسرائيل ما كانوا يخافون من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولود منهم. فقد تعلقت الإرادة الإلهية بأن تنجي بني إسرائيل من آل فرعون وتحوّل ثقل النعمة من هؤلاء الأقوياء العتاة إلى بني إسرائيل الأذلّاء المستضعفين وتبدل من الأسباب ما كان على بني إسرائيل لهم وما كان لآل فرعون عليهم والله يحكم لا معقب لحكمه.
٧ ـ (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى ...) أي ألهمناها (أَنْ أَرْضِعِيهِ) ما أمكنك إخفاء أمره (فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ) بأن أحسست باشتهار أمره فخفت عليه القتل (فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ) أي النيل (وَلا تَخافِي) ضيعته وغرقه (وَلا تَحْزَنِي) على فراقه (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) سالما عمّا قريب (وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) نعطيه منصب الرّسالة ورتبة النبوّة.
٨ ـ (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ ...) فأخذوه بتابوته من دون طلب (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) أي ليكون لهم في عاقبة أمره كذلك لا أنهم أخذوه لذلك. (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) قيل إنه من الخطإ لأنهم ما شعروا أنّه الذي يذهب بملكهم ويهلكهم إلى آخرهم.
٩ ـ (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ ...) لمّا أراد فرعون قتله بعد أن حذّروه قالت آسية زوجته : لا تقتل الصبيّ عسى أن يكون ضياء عيننا جميعا (لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) حيث إن فيه مخايل الخير واليمن ودلائل النفع (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) أي نتبنّاه فإن هذا الولد أهل لذلك (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي : هم لا يشعرون أنّه هو الذي ذهاب ملكهم على يديه.
١٠ ـ (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً ...) أي صار قلب أمّ موسى خاليا من الصّبر والعقل لدهشتها حينما سمعت أن الصّندوق وصل إلى يد فرعون ، (إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ) أي أو شكت أن تقر وتعترف بأنه ابنها (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها) أوثقناه وأحكمناه بالصّبر والثّبات. (لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أي من المصدّقات بوعدنا لها بردّه إليها.
١١ ـ (وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ ...) أي أن أمّ موسى قالت لأخته : امشي وراء الصندوق لتعرفي أثره وخبره. (فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ) أي فرأت أخاها من بعيد ، وقيل عن جانب كانت تنظر إليه خلسة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أي لا يلتفتون أنها تقصّه.
١٢ و ١٣ ـ (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ ...) أي منعناه من أن يرتضع منهنّ (مِنْ قَبْلُ) قبل مجيء أمّه إلى عنده وأخذه (فَقالَتْ) أي أن أخته عند ما رأت محبة آل فرعون له وحرصهم على إرضاعه وطلبهم مرضعة يقبل ثديها قالت لهم : (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ) أي يقومون بتربيته وجميع أموره (وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ) لا يقصّرون في أموره لأجلكم (وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) أراد وعد الله لها عند ما أوحى إليها إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين.