٦٤ ـ (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ...) أي بل من يوجد المخلوقات من العدم وبعد الإيجاد يفنيهم ثم يعيدهم بالبعث ، وقيل : المراد ببدء الخلق ثم إعادته إيجاد الواحد من نوعه ثم إهلاكه وإيجاد نظيره بعده ، وبالجملة : إيجاد المثل بعد المثل فلا يرد أن المشركين منكرون للمعاد فكيف يحتج عليهم به؟. (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أي بأسباب سماوية كالمطر وأرضية كالنبات والثمرات (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) يفعل شيئا مما ذكر (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) حجتكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم من أن لله شريكا.
٦٥ ـ (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) أي من الملائكة والثقلين لا يعلم (الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) أي ما يحسّ أهل السّموات والأرض متى يحشرون. وهذا برهان آخر على بطلان ألوهية آلهتهم وهو عدم علمهم بالغيب وعدم شعورهم بالساعة. والمقصود بآلهتهم هنا الملائكة والجن وقدّيسو البشر.
٦٦ ـ (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ ...) أي تتابع منهم العلم وتلاحق حتى كمل علمهم في الآخرة بما أخبروا به في الدنيا (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) أي من الآخرة في الدنيا عميان القلوب ، جهلة.
٦٧ و ٦٨ ـ (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ... أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا) إلخ. أي آباؤنا كانوا ترابا هل نحن وآباؤنا مخرجون من الأجداث إلى الحياة من جديد (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي أكاذيب السّابقين الذين كانوا قبل محمد (ص).
٦٩ ـ (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ...) إلخ. أي مرهم يا محمد بالسّير الآفاقي حتّى ينظروا في مساكن أهل الشرك ودورهم كيف سقطت على عروشها ولم يكن فيها أحد كديار الحجر والأحقاف والمؤتفكات ، ويتفكروا كيف أهلكهم الله. وفيه إنذار وتخويف لهم على إنكارهم وعد الأنبياء بالبعث ، ولا إشكال في أن في النظر في العواقب كفاية للمعتبرين من أولي الأبصار.
٧٠ ـ (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ...) أي على تكذيبهم وإعراضهم (وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ) لا تضيّق صدرك بالحرج مما يدبّرون لك من مكائد فإن الله حافظك منهم.
٧١ ـ (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ ...) إلخ. أي متى تحقّقه إن كنت صادقا في قولك؟
٧٢ ـ (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ ...) أي سيلحقكم (بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) قسم ممّا تطلبون معجّلا في الدنيا وهو عذاب يوم بدر أو القحط والغلاء إلخ.
٧٣ ـ (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ ...) إلخ. أي أنه تعالى متفضّل على عباده حتى الكفرة منهم ومنه تأخير عقوبتهم لعلّهم ينتبهون فيتوبون إلى ربهم (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) فضله وحقّ نعمته عليهم.
٧٤ و ٧٥ ـ (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ ...) أي ما تخفيه من الحقد والحسد والمكر (وَما يُعْلِنُونَ) من التكذيب وإظهار العداوة فيجازيهم بهما (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) فما من شيء من الأمور الخفيّة من حوادث الدهر ونوازله وغيرها إلّا وهو مكتوب ومبيّن في اللوح المحفوظ.
٧٦ و ٧٧ ـ (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ ...) إلخ. أي يبيّن لهم ما يختلفون فيه من جهلهم كأمر عزيز وقصة مريم وعيسى وأحوال المعاد وغيرها. وهو دلالة على الحق ونعمة للمصدقين بالله ورسله.