٥٦ ـ (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ...) إلخ. لما أفحموا عن الجواب أمر أمراء القوم قائلين أخرجوا آل لوط ، فأمروا بتسفير لوط ومن آمن به (إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) أي يتبرّءون ويتنزّهون عن أعمالنا ويستنكرونها. والكلام وارد مورد السخرية والاستهزاء ويحتمل أنه يبرز مرادهم الجدّي لأنهم كانوا حقيقة كما قيل عنهم.
٥٧ ـ (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ ...) أي خلصناهم قبل التسفير والمراد بأهله أهل بيته لقوله تعالى في سورة الذاريات (فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) حكمنا عليها كونها من الباقين في العذاب.
٥٨ ـ (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً ...) إلخ. كان مطرا من الحجارة نزل على قوم لوط الذين أنذرهم لوط وأعلمهم بموقع المخافة ليتقوها فعصوا.
٥٩ ـ (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ...) أي يا لوط قل الحمد لله على إهلاك الكفرة (وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى) اختارهم حججا على خلقه. وقيل : بأن المأمور بأن يحمد الله ويسلّم على المصطفين من عباده هو رسول الله (ص) وليس لوطا (ع) (آللهُ خَيْرٌ) لمن يعبده (أَمَّا يُشْرِكُونَ) أي ما يعبد أهل مكّة من الأصنام؟
٦٠ ـ (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ ...) إلخ. أي بل من خلق السماوات والأرض خير فإن الله تعالى بيّن أنه الذي اختصّ بخلق السماوات والأرض ويجعل السماء مخزنا للماء والأرض مقرّا للنّبات والأشجار وما يتحصّل منهما من الحدائق ذوات البهجة المونقة ولا يقدر على هذا الإنبات إلّا الله ، ولذا فهو المختص بالعبادة ، والخضوع له. (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) أي هل يتصوّر أن يكون مع هذا الذي بتلك القدرة والعظمة كفء وشريك له يسمّى بالإله؟ (بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) أي يعرضون عن الحق الظاهر وهو التوحيد ، إلى الباطل الظاهر وهو الشّرك.
٦١ ـ (أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً ...) إلخ. بل من جعل الأرض هكذا بأن دحاها وسوّاها مستقرا للمخلوقات وجعل بين مساربها أنهارا تجري بالمياه التي هي حياة لتلك المخلوقات من حيوان ونبات. (وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ) أي الجبال لأن تثبّتها ولئلّا تميد وتتزلزل (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ) العذب والمالح (حاجِزاً) أي برزخا لئلّا يختلطا فيفسدان بالاتّصال. (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) الحق لعدم تدبّرهم وتفكّرهم فيشركون.
٦٢ ـ (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ ...) إلخ. أي بل من يجيب المكروب المجهود فيكشف كربه ويستجيب دعاءه وإنما أخذ وصف الاضطرار ليتحقق بذلك من الداعي حقيقة الدعاء والمسألة إذ ما لم يقع الإنسان في مضيقة الاضطرار وكان في مندوحة من المطلوب لم يتمحض منه الطلب. (وَيَكْشِفُ السُّوءَ) أي يدفع عن عباده كل ما يسوؤهم (وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ) بتوارثكم سكناها والتصرّف فيها (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) أي تتعظون اتعاظا قليلا.
٦٣ ـ (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ ...) إلخ. أمّا هدايته في البراري فبعلامات أرضيّة ، وأمّا في البحار فبالنجوم والكواكب وقد يكون المقصود بالظلمات مدلهمات طرقهما. (بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أي بشارة قدّام المطر (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) أي لا إله إلّا الله وحده (تَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي تنزه وتقدس.