٤٥ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ ...) أي إلى قبيلة ثمود (أَخاهُمْ صالِحاً) أخاهم في النّسب (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) أي لأن يقول لهم : اعبدوا الله وحده (فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ) أي لمّا أمرهم بالتّوحيد صاروا فرقتين : مصدق له ومكذب ، ثم تنازعوا فيما بينهم. وتوصيف التثنية بالجمع ، يعني قوله (فَرِيقانِ) بقوله (يَخْتَصِمُونَ) لكون المراد بالفريقين مجموع القبيلة والقوم. و (فَإِذا) فجائية.
٤٦ ـ (قالَ يا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ ...) أي بالعذاب بقولكم ائتنا بما تعدنا (قَبْلَ الْحَسَنَةِ) قبل الثواب والرحمة (لَوْ لا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ) إلخ. هلّا تتوبون إليه تعالى قبل نزوله بأمل أن يرحمكم الله؟. ويظهر منه أن صالحا (ع) إنما وبّخهم بقوله هذا بعد ما عقروا الناقة وقالوا له : يا صالح ائتنا بما تعدنا ... إلخ.
٤٧ ـ (قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ...) أي تشأمنا بكم إذ تتابعت علينا الشدائد ووقع بيننا الافتراق منذ أظهرتم دينكم (قالَ طائِرُكُمْ) سبب شؤمكم (عِنْدَ اللهِ) هو قدّره بكفركم (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) تختبرون بالرّخاء والشدّة ليعلم حالكم.
٤٨ ـ (وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ ...) إلخ. أي تسعة رجال من أشراف القوم وأكابرهم من الأشرار. وقيل : الرهط : العصابة إلى الأربعين والمراد بالمدينة هي المدينة التي كان بها صالح وتسمّى بالحجر.
٤٩ ـ (قالُوا ...) أي فيما بينهم (تَقاسَمُوا بِاللهِ) أي تحالفوا بالله (لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) أي لنقتلنّه وأهله ليلا (ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ) لوليّ دمه (ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ) ما كنّا حاضرين حين قتلهم (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) أي نحلف على صدقنا في إنكارنا قتلهم.
٥٠ و ٥١ ـ (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً ...) أي جازيناهم على مكرهم السيّئ بتعجيل عقوبتهم (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بمكرنا وأن فوق مكرهم مكرا. (فَانْظُرْ ...) إلخ. أي كانت نتيجة إفسادهم وتدبيرهم السيّئ (أَنَّا دَمَّرْناهُمْ) أي التسعة الذين هم أشقى القوم وأقدموا على عقر الناقة (وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) يعني الباقين الذين كانوا راضين بعمل التسعة. وكان تدميرهم بصيحة جبرائيل ، أو صوت الرعد أو الزلزلة.
٥٢ و ٥٣ ـ (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً ...) أي خالية أو ساقطة على عروشها (بِما ظَلَمُوا) بسبب ظلمهم (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) أي في تدمير الظّلمة وتعذيبهم علامة لأهل الإدراك والمعرفة فيتّعظون بها ويعتبرون (وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) أي يتّقون الكفر والمعاصي والشّرك فخصّوا بالنجاة لذلك. وفيه بشارة للمؤمنين ، إذ التقوى كالمجنّ للإيمان وقد قال تعالى : والعاقبة للمتقين. كما قال سبحانه : والعاقبة للتقوى.
٥٤ ـ (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ...) المراد بالفاحشة هنا هو إتيان الذّكران والاستفهام للإنكار. (وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) أي حال كونكم ترون قبحها وشناعتها.
٥٥ ـ (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ ...) إلخ. الاستفهام إنكاري أيضا ، وهو في مقام التعجّب والكره (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ...) أي سفهاء أو تجهلون عاقبتها الوخيمة أو قبحها. أو أنكم مستمرون على الجهل لا فائدة من توبيخكم والإنكار عليكم فلستم بمرتدعين.