٣٦ ـ (فَلَمَّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ ...) أي فلما جاء الرسول سليمان قال (ع) : أتساعدونني وتزوّدونني بمال وهذا استفهام إنكار (فَما آتانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ) ما أعطاني ربّي من النبوّة والملك والحكمة خير مما أعطاكم من الدّنيا وأموالها (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ) نعم أنتم تفرحون بهدايا بعضكم لبعض حبّا لزيادة المال ، إشارة إلى عدم اعتباره واعتنائه بأموال الدّنيا.
٣٧ ـ (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ ...) أيّها الرسول ارجع إلى بلقيس وملئها بما جئت من الهديّة (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها) أي لا طاقة ولا قدرة لهم على دفعها (وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها) نخرجهم من سبأ والملك فيها (أَذِلَّةً) بذهاب عزّهم (وَهُمْ صاغِرُونَ) ذليلون بأسر وإهانة.
٣٨ ـ (قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا ...) أخبر جبرائيل سليمان أنّها خرجت من اليمن مقبلة إليك فقال سليمان لأشراف عسكره (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) وتقييد إتيان العرش بقبل إسلامهم لأن بعده لا يجوز التصرف فيه إلّا بإذنها.
٣٩ ـ (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ ...) أي مارد قويّ (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) أي من مجلس حكومتك. (وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) أي على حمله لقادر وعلى الجواهر المركوزة فيه وعلى ذهبه وفضته أمين لست بخائن.
٤٠ ـ (قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ ...) أي الكتاب السّماوي الذي فيه الاسم الأعظم قيل هو آصف بن برخيا (أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) أي أنا آتيك بعرشها قبل أن يبلغ طرفك مداه ويرجع إليك. وقيل : حتى يرتد إليك طرفك بعد مدّة إلى السماء. (فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ ...) أي حاصلا حاضرا بين يديه (قالَ) شكرا (هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي) أي تمكّني واقتداري على عرش بلقيس في هذا الزمان اليسير من مسيرة شهرين من إحسان ربّي عليّ بلا استحقاق لي (لِيَبْلُوَنِي) ليختبرني (أَأَشْكُرُ) نعمته (أَمْ أَكْفُرُ) أقصّر في أداء واجباته وفي شكر نعمه (وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) لأنه به يستجلب دوام النعمة ومزيدها (رَبِّي غَنِيٌ) عن شكر الشاكرين (كَرِيمٌ) بالإنعام عليهم شاكرهم وكافرهم.
٤١ ـ (قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها ...) إلخ. أي غيّروا هيئته اختيارا لعقلها لنرى فيما إذا كانت تعرفه بعد هذا التغيير أم لا.
٤٢ ـ (فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ؟ ...) أي عرشك مثل هذا العرش. (قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ) أي لم تقل هو هو لاحتمال أن يكون مثله حيث إنه كان في نظرها بعيدا عادة لبعد الطريق وتشديد الحراسة عليه ولكنها لم تنف لأنها وجدته يشبه سريرها وهذا كاشف عن رجحان عقلها. (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها) هذا من تتمة كلام بلقيس أي وأعطينا العلم بصحة نبوة سليمان من قبل هذه الآية في العرش. (وَكُنَّا مُسْلِمِينَ) طائعين لك قبل مجيئنا إليك. ويحتمل أن يكون من كلام سليمان ، يعني : (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ) بإسلامها ومجيئها طائعة قبل مجيئها.
٤٣ ـ (وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ ...) إلخ. أي منعتها عبادة الشمس عن عبادة الله تعالى (إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ) هذه الجملة في مورد التعليل ، أي نشوؤها بين أظهر الكفار وفي بلادهم صار موجبا وسببا لأن تعبد الشمس والانصراف عن عبادة الله تعالى.
٤٤ ـ (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ...) أي القصر ، أو كل بناء عال (فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً) ماء عظيما. (وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها) لتخوضه (قالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ) أي قال سليمان إن ما تظنّيه ماء بناء مملّس من الزجاج. (قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) بالكفر الذي كنت عليه (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) أي أسلمت بمصاحبة سليمان وإمداده وتسبيبه لله رب العالمين.