٤٥ ـ (قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ
...) قل يا محمد لهؤلاء الكفرة إنني إنما أخوّفكم بما نزل عليّ
من ربّي وحيا من عنده. فليس التهديد والوعيد من عندي. (وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا
ما يُنْذَرُونَ) ولا يسمع الإنذار من كان به ثقل في السمع أو عاهة تمنعه من
السماع.
٤٦ ـ (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ
عَذابِ رَبِّكَ ...) أي إذا لامستهم لفحة من العذاب الذي أعدّه لهم ربّك (لَيَقُولُنَّ : يا وَيْلَنا إِنَّا
كُنَّا ظالِمِينَ) أي يدعون بالويل والثبور معترفين بكفرهم.
٤٧ ـ (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ
لِيَوْمِ الْقِيامَةِ ...) أي أننا يوم القيامة نزل الأعمال بموازين العدل. (فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ
كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها) فلا ظلم في ذلك اليوم لأحد حتى ولو أن الإنسان أحسن بمثقال
حبة الخردل لجئنا له بأجر إحسانه ، (وَكَفى بِنا
حاسِبِينَ) أي حافظين عالمين. وعن الإمام السجّاد (ع): عباد الله ، إن
أهل الشرك لا ينصب لهم موازين ولا ينشر لهم دواوين ، وإنما يحشرون إلى جهنم زمرا ،
وإنما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإسلام فاتقوا الله عباد الله.
٤٨ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ
الْفُرْقانَ ...) أي : أعطيناهما الكتاب الذي يفرّق بين الحق والباطل ، وهو
التوراة ، (وَضِياءً) نورا يهتدي به أتباعهما إلى الحق (وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ) أي عظة ونصحا للذين يعملون به ويتعظون.
٤٩ ـ (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
بِالْغَيْبِ ...) أي الذين يحذرون الله حالة كونه غائبا عن جميع حواسّهم ، (وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) خائفون من القيامة وأهوالها.
٥٠ ـ (وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ ...) أي : وهذا القرآن أنزلناه من عندنا لتذكيركم ووعظكم وهو
ثابت ودائم نفعه (أَفَأَنْتُمْ لَهُ
مُنْكِرُونَ) هذا استفهام توبيخ أي فلم أنتم تجحدونه وترفضونه؟
٥١ ـ (وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ
...) أي أعطيناه الحجج والبراهين التي توصله إلى الرشد من معرفة
الله وتوحيده. والرشد هو ما فيه صلاح دينه ودنياه وقيل : الرشد هو النبوة والخلّة
، وقيل : هو الاهتداء والاستقامة على طريق الحق. (مِنْ قَبْلُ) أي من قبل بلوغه ، أو من قبل موسى وهارون ومن قبلك يا محمد
، (وَكُنَّا بِهِ
عالِمِينَ) أي عارفين بأنه أهل لما أعطيناه من الرّشد.
٥٢ و ٥٣ و ٥٤ ـ (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما
هذِهِ التَّماثِيلُ ...) أي سأل أباه ـ هو عمّه أو جدّه لأمّه ـ وسأل قومه عن تلك
الصور الممثّلة التي هي مجسّمات جامدة لا روح فيها ولا حياة وهي الأصنام (الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ) أي مقيمون على عبادتها (قالُوا وَجَدْنا
آباءَنا) قبلنا (لَها عابِدِينَ) يؤدّون العبادة لها ونحن على دين آبائنا (قالَ) إبراهيم (لَقَدْ كُنْتُمْ
أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي أنكم جميعا تائهون عن الحق ضائعون عن الهدى.
٥٥ و ٥٦ ـ (قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ
مِنَ اللَّاعِبِينَ ...) : سألوه هل أنت جادّ في قولك أم أنت لاعب هازل فيه؟ (قالَ) لهم : (بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي بل إلهكم إله السموات والأرض (الَّذِي فَطَرَهُنَ) سوّاهن على ما هنّ عليه من نظام الفطرة والخلق. (وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ) أي على ما ذكرته لكم (مِنَ الشَّاهِدِينَ) المحقّقين المثبتين له.
٥٧ ـ (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ
بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ...) : أي : والله لأحلّنّ بها الكيد ولأدبّرن طريقة تكسيرها
تدبيرا خفيّا عنكم يسوؤكم بعد أن تنطلقوا منصرفين. وقيل إنه كان لهم في كل سنة عيد
يجتمعون فيه ، وكانوا إذا رجعوا منه دخلوا على الأصنام وسجدوا لها ، وقد قالوا
يومئذ : ألا تخرج معنا ، فخرج معهم ماشيا إلى أن كان في بعض الطريق اشتكى من ألم
في رجله وتخلّف عنهم.