(الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أي صيّروه أجزاء وأقساما وأعضاء كأعضاء الجزور فآمنوا ببعضه وكفروا بالآخر. وقد روي عن الصادقين (ع) في معنى هاتين الآيتين فقالا : إن كفار قريش كان بعضهم يقول : إن سورة البقرة لي ، وآخر منهم يقول : إن سورة النحل لي والباقي لكم ، وهكذا كان كل واحد يختار سورة استهزاء ويتقسّمون القرآن بهذه الكيفية فسمّاهم الله : المقتسمين ووصفهم بالذين جعلوا القرآن عضين أي قطعا قطعا.؟
٩٢ و ٩٣ ـ (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ) : أي وحق ربك يا محمد : لنسألن هؤلاء الكفار توبيخا لهم : لم عصيتم وما هي حجتكم فيما فعلتم فلا يكون لديهم جواب فيفتضحون بكفرهم.
٩٤ و ٩٥ ـ (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ...) أي اجهر بتبليغ الأوامر والنواهي التي حمّلتها من ربك غير خائف ولا مبال بالمشركين (إِنَّا كَفَيْناكَ) منعناك وحفظناك من (الْمُسْتَهْزِئِينَ) بإهلاكهم.
٩٦ ـ (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ ...) أي اتخذوا معه إلها يعبدونه (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) سيعرفون بطشه حين يذوقون عذابه.
٩٧ الى ٩٩ ـ (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ) : أي نحن نعرف يقينا انك يا محمد يضيق قلبك ويعتصر ألما بما يقوله قومك من تكذيبك والاستهزاء بك (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) نزّهه عن كل ما لا يليق به واحمده وذلك بقولك سبحان الله وبحمده. (وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) اسجد لعظمته وفوّض أمورك إليه (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) أي ما دمت حيّا ، فاليقين هنا الموت.
سورة النحل
مكية ، عدد آياتها ١٢٨ آية
١ ـ (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ...) أي قرب أمر الله بعقابكم أيها المشركون فلا تطلبوا الإعجال به. والعقاب إما بقيام القيامة أو العذاب الدنيوي. وقيل معناه أن أمر الله أي احكامه وفرائضه قد بلغ. (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) أي تنزيها لله عما لا يليق به وبصفاته وعن أن يكون له شريك في عبادته.
٢ ـ (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ ...) أي ينزّلهم بما يحيي القلوب الميتة بالجهل (مِنْ أَمْرِهِ) بإرادته وبما ينزل من الوحي والقرآن. وقيل إن المراد بالرّوح هو جبرائيل (عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) ممّن يختصّهم بالرسالة (أَنْ أَنْذِرُوا) أعلموا الخلق ونبّهوهم بأنه (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) لا ربّ سواي ولا معبود غيري (فَاتَّقُونِ) تجنّبوا مخالفتي.
٣ ـ (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ...) أي أوجدهما ليستدلّ بهما على معرفته ويتوصل بالنظر فيهما إلى العلم بكمال قدرته وحكمته (تَعالى) سما (عَمَّا يُشْرِكُونَ) معه غيره في الألوهية.
٤ ـ (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ ...) أي ابتدعه وأوجده من ماء ضعيف مهين (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) فإذا بهذا الإنسان الضعيف الذي تعهّده صانعه وأنشأه ، مجادل له منازع فيه ، ينكر ربوبيّته ويلحد بأسمائه وقدرته بشكل واضح.
٥ ـ (وَالْأَنْعامَ ...) أي الأصناف الثمانية (خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ) أي ما تستدفئون به من البرد من الألبسة (وَ) لكم أيضا فيها (مَنافِعُ) من نسل ودرّ وركوب (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) من اللحوم والألبان.
٦ ـ (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ ...) أي زينة (حِينَ تُرِيحُونَ) أي زمان تردّونها إلى مراحها بالعشيّ (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) في الوقت الذي ترسلونها إلى مرعاها بالغداة.