٧ ـ (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ ...) أي تنقلون عليها أحمالكم من بلد إلى بلد بعيد (لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ) واصلين إليه (إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) إلا بالتعب الشديد (إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) أي ذو رأفة بكم ورحمة. حيث أنعم بها وبغيرها عليكم.
٨ ـ (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ ...) هذه الحيوانات كلّها خلقها سبحانه ، لفائدتكم (لِتَرْكَبُوها) في أسفاركم وتنقلوا عليها أثقالكم (وَ) جعلها (زِينَةً) لكم تتباهون في اقتنائها (وَيَخْلُقُ) بعدها (ما لا تَعْلَمُونَ) ما لا تعرفونه من المراكب التي تستحدث من بعدكم. وقد عنى سبحانه مراكب اليوم من المخترعات والمصنوعات الحديثة البرية والبحرية والجوية وما قد يوجد فيما بعد ، عدا المركبات الفضائية التي غزيت بها كواكب عديدة بعيدة ، وهذه كلها بإفاضته سبحانه وهدايته وتوفيقه.
٩ ـ (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ...) أي وعليه هداية الطريق المستقيم الموصل إلى الحق (وَمِنْها جائِرٌ) أي ومن هذه السبل ما هو مائل عن الاستقامة معوجّ ، (وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) أي أرشدكم على طريق الإلجاء ، ولكنّه ينافي التكليف.
١٠ ـ (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ ... لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ) : أي منه لشربكم ومنه لشرب الشجر والنبات وسقيه (فِيهِ تُسِيمُونَ) أي ترعون مواشيكم.
١١ ـ (يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ ...) إلخ. أن ينبت لكم الله بذلك المطر كل هذه الأشياء المذكورة لانتفاعكم وما يتغذى به الحيوان من النبات وذكر ما ينفع للإنسان ممّا يتغذى به ، وهو على قسمين : حيوانيّ وقد ذكر في خلق الأنعام ، ونباتىّ وهو الحبوب والفواكه ، ومن الزرع كالحنطة والشعير والأرز ونحوها والزيتون كذلك (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) أي دلالة وحجة لأولئك الذين يستدلّون بها على عظمة خالقها وكمال قدرته وحكمته.
١٢ ـ (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ ... وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ) والمعنى : أنه أعدّها لمنافعكم حال كونها مسخّرة لحكمه وتدبيره تعالى ومنافع الليل والنهار كثيرة ، فالليل وقت للاستراحة والطمأنينة ، بينما النهار للحركة والسعي والعمل. وكذلك منافع الشمس والقمر أكثر من أن تحصى ومنها إنضاج الفواكه وإدراك الزرع ومعرفة حساب الشهور والسنين وغيرها. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي أن فيما عدّده من مخلوقاته حججا وأدلة وبراهين لأرباب العقول الذين هم أهل التدبّر والاعتبار.
١٣ ـ (وَما ذَرَأَ لَكُمْ ...) أي خلق (فِي الْأَرْضِ) من حيوان ونبات ومعادن ومطاعم ومشارب (مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) أي أشكاله وأصنافه هي أيضا متأثرة والمؤثر غيرها وهو الله الواحد القهار (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) أي أن فيما ذكر مما ذرأ حجة وبرهانا للذين يتفكرون في الأدلة فيتعظون بها.
١٤ ـ (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ ...) أي أنّ الله تعالى بقدرته ذلّل البحر وهيّأه (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا) أي لتصطادوا منه لأكلكم لحما جديدا ذا طراوة. (وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها) أي لتغوصوا فيه وتخرجوا منه ما تتزيّن به نساؤكم لكم من اللؤلؤ والمرجان. وإنما صحّت نسبة اللبس إلى الرجال مع أن التي تلبس الحلية المرأة فلأنها إنما تتزين للرجل ، ويحتمل أن الحلية إنما هي مما يتزين به الرجال أيضا. (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) أي جواري تشق الماء بصدرها (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) تطلبوا من سعة رزقه بركوبه للتجارة (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الله على نعمه المذكورة بعد معرفتها.