سورة الرعد
مدنية ، عدد آياتها ٤٣ آية
١ ـ (المر ...) قد سبق الكلام في تفسير : الم ونظائره في أول سورة البقرة. (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) أي هذه السورة هي آيات القرآن ليست بمفتريات (وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) أي وهذا القرآن الذي أنزل إليك من الله وحيا قدسيّا ، هو (الْحَقُ) الثابت من ربّك (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) جلّهم يكونون معاندين فلا يصدّقون لا بكونه من عند الله ولا بحقانيته مع وضوح آياته وبيناته.
٢ ـ (اللهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ...) في الآية احتمالان : الأول : نفي وجود عمد للسماوات المرفوعة أصلا وعليه يكون المعنى انه سبحانه رفع السماوات من غير عمد وأنتم ترونها كذلك. والثاني : إثبات العمد للسماوات المرفوعة ولكنها غير مرئية وعليه يكون المعنى انه رفع السماوات بعمد غير مرئية لكم وهذه العمد هي قدرة الله تعالى. (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) أي استولى عليه بقدرته وسلطانه (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) أي ذلّلهما لمنافع خلقه ، (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) أي كل واحد منهما يجري إلى وقت معيّن يتمّ فيه أدواره ، والله تعالى (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) أي أمور ملكه وملكوته في الأرض والسماوات (يُفَصِّلُ الْآياتِ) أي ينزلها ويبيّنها تفصيلا ، أو المراد إتيانها آية بعد آية فصلا فصلا ، (لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) أي لكي تصدّقوا بالبعث والحساب.
٣ ـ (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ ...) والمراد بمدّ الأرض دحوها وبسطها طولا وعرضا لمنافع خلقه (وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً) أي جبالا ثوابت وشق فيها أنهارا تجري فيها المياه. (وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) أي صنفين مختلفين : أسود وأبيض ، وحلوا وحامضا ، وصيفيّا وشتويّا .. (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ) أي تغطّي ظلمة الليل ضوء النهار (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) أي فيما ذكر دلائل واضحة على وحدانية الله وقدرته لقوم يتدبرونها.
٤ ـ (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ ...) أي أقسام متلاصقة متقاربة وهي مع ذلك مختلفة من حيث السهولة والحزونة ، ومنها السبخة والصالحة للزرع وغير الصالحة. (وَجَنَّاتٌ) أي بساتين (مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ) جمع صنو أو النّخلات من أصل واحد ، (وَغَيْرُ صِنْوانٍ) أي النخلات من أصول شتى. (يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ) من الأنهار أو من السماء (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) في الأثر والثمر والقدر والشكل واللون والطعم وغيرها. (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي فيما ذكرناه دلالات واضحة على وحدانية الله وقدرته لقوم يتدبرونها ويفهمونها.
٥ ـ (وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ ...) يعني يا محمد ، إن تعجب وتستغرب إنكار الكفرة البعث مع إقرارهم بإبداع الخلق أول مرة فاستغرابك في محله لأن قولهم عجيب فعلا (أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) مقول قولهم العجيب أي أنعاد كما كنا من جديد بعد أن صرنا إلى تراب ، ووجه العجب في إنكارهم عدم تعقلهم ان خلقهم الأول الذي أقروا به هو أصعب وأكمل من الثاني لأنّه إنشاء وهذا ترميم (أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ) أي الذين أنكروا البعث هم الذين جحدوا بقدرة الله (وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ) ستوضع قيود النار في رقابهم يوم القيامة (وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) باقون إلى أبد الأبد.