٢٠ ـ (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ...) أي أولئك الكفار الملعونين سابقا ليسوا بفائتين الله إذا حاولوا هربا في الأرض إذا أراد إهلاكهم (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) أي ليس لهم من ينصرهم ويحميهم من بطش الله في الدنيا والآخرة. (يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ) مضاعفته ليست زيادة والعياذ بالله عمّا يستحقون وقد علل المفسرون هذه المضاعفة بأنه لا يقتصر لهم على عذاب الكفر ، بل يعاقبون على سائر معاصيهم مجموعة ، (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) أي بما كانوا يستطيعون السمع فلا يسمعون ، وبما كانوا يقدرون على الإبصار فلا يبصرون لعنادهم وكفرهم.
٢١ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ...) أي أهلكوها بما استحقوا من عقاب فكان ذلك بمثابة الخسران إذ ليس بعد ذلك عوض (وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) فسّرناه سابقا.
٢٢ ـ (لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) : قيل : بأن هذا التعبير : لا جرم ، يستعمل في أمر لا يرتاب فيه ، وعليه فيكون المعنى : لا شك أن هؤلاء الكفار هم أخسر الناس في الآخرة.
٢٣ ـ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...) بعد الكلام عن الكافرين وعن عذابهم الأخروي عقبه سبحانه بالكلام عن المؤمنين أي الذين صدّقوا بالله ورسوله وقاموا بطاعات ربهم التي رغّبهم بها (وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) أي أنابوا إليه وخشعوا (أُولئِكَ) الموصوفون (أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) مرّ تفسيره.
٢٤ ـ (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ ...) يضرب سبحانه هنا مثلا للمؤمنين والكافرين ، أي أن فريق الكافرين (كَالْأَعْمى) الذي لا يبصر (وَالْأَصَمِ) الذي لا يسمع ولا يعي ، (وَ) فريق المؤمنين ك (الْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) الحاد البصر والقوي السمع (هَلْ يَسْتَوِيانِ) أي هل يتساوى السامع المبصر مع الأعمى الأصمّ (مَثَلاً) في مقام التمثيل والتشبيه؟ لا ، وكذلك لا يتساوى المؤمن والكافر (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) يعني : ألا تتفكّرون بذلك لتجدوا الفرق بينهما؟
٢٥ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ ...) أي : قد بعثنا رسولنا نوحا إلى عشيرته فقال لهم : (إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) فسّرناه سابقا.
٢٦ ـ (أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ ...) أي أن توحّدوا الله وتعبدوه ولا تعبدوا غيره (إِنِّي أَخافُ) أخشى (عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ) أي عذابه مؤلم موجع.
٢٧ ـ (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ...) أي فأجابه رؤوس الكفر والضلال من قومه قائلين : (ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا) يعني أنك إنسان مثلنا زعما منهم بأن الرسول ينبغي أن يكون من غير جنس المرسل إليهم ، (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ) أي صدّقك وتابعك على أمرك (إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا) يعني السفلة ولم يتّبعك الأشراف والرؤساء (بادِيَ الرَّأْيِ) أي دون أن يتدبّروا قولك ، أو أنهم أظهروا لك ذلك وهم يبطنون مخالفتك (وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) أي ليس لك ولمن تبع مقالتك من إفضال علينا لا ماديا ولا معنويا. (بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ) أي نحسبكم غير صادقين فيما أنتم عليه.
٢٨ ـ (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ ...) أي قال نوح (ع) : يا قوم ما رأيكم إن كانت دعوتي مبنيّة (عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) برهان من ربي يصدّق نبوّتي (وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ) أي أعطاني نعمة جزيلة من عنده هي النبوّة (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ) أي خفيت عليكم لقلة تدبّركم فيها (أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) أي : أنكرهكم عليها ونلجئكم إلى الإيمان إلجاء؟ وهذا غير مقدور لي.