١٣ ـ (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ ...) أي : أيقولون افترى هذا القرآن واخترعه من عنده ونسبه إلى الله ، ف (قُلْ) يا محمد لهم : (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ) أي : جيئوا بعشر سور تضاهيه نظما وبلاغة وإعجازا تكون مكذوبة على الله مثل هذا القرآن الذي تزعمون افتراءه وكذبه عليه ، وقد نزل بلغتكم العربية وأنتم فصحاء. (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ) واطلبوا معونة من قدرتم عليه ليعينوكم على معارضته (مِنْ دُونِ اللهِ) أي ما سوى الله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في زعمكم إني افتريته.
١٤ ـ (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ...) أي إذا لم يجب الكفار على هذا التحدّي (فَاعْلَمُوا) تيقّنوا أيها المسلمون (أَنَّما أُنْزِلَ) هذا القرآن (بِعِلْمِ اللهِ وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ولم يفتر عليه. وقيل بل الخطاب للكفار : أي إذا لم يستجب لكم من تدعونه لمشاركتكم في معارضة القرآن فاعلموا أن القرآن معجز من عند الله. (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) يعني منقادون للحجة بعد قيامها عليكم ومسلّمون بأن القرآن حقّ نزل من عند الله؟.
١٥ ـ (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها ...) والمعنى : أن الذين يرغبون في الحياة الدنيا وحسن بهجتها من غير أن يحسبوا حسابا للآخرة (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) أي نعطهم جزاء أعمالهم تامة ، (وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ) أي لا يلحقهم النقص بشيء منه.
١٦ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ...) أي أن الذين يريدون الدنيا وزينتها فقط ، ليس لهم في الآخرة (إِلَّا النَّارُ) التي يدخلونها بكفرهم (وَحَبِطَ) سقط لأنه جاء على خلاف الوجه المطلوب (ما صَنَعُوا) عملوا (فِيها) في الدّنيا (وَباطِلٌ) ذاهب سدى (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) من عمل لم يقصدوا به الله عزوجل.
١٧ ـ (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ...) استفهام تقريري : أي هل من كان على برهان من الله. والبينة هي القرآن أو نبوة محمد (ص) (وَيَتْلُوهُ) يتبعه (شاهِدٌ مِنْهُ) أي من يشهد بصحته وقيل الشاهد هو جبرائيل (ع) وقيل هو محمد (ص). (وَمِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل القرآن (كِتابُ مُوسى) وهو التوراة (إِماماً) دليلا يؤتمّ به في أمور الدين وأحكامه (وَرَحْمَةً) نعمة ولطفا منه سبحانه على عباده ، (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) أي أولئك الذين هم على بينة من ربهم يؤمنون بمحمد (ص) أو بالقرآن. (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) يجحد بمحمد وبالقرآن (مِنَ الْأَحْزابِ) وهم المشركون عامة وأصحاب الأديان (فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) أي هو موعود بها بحيث تكون مقرّه ومصيره. (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) أي : لا تكن في شك من ربك ومما أنزله أيها النبيّ ، بل أيها الإنسان السامع ، (إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) الذي لا شك فيه من الله سواء أكان المقصود القرآن أم النبيّ (ص) (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) لا يصدّقون.
١٨ ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ...) هذا استفهام إنكاري يعني أنه ليس أظلم ممّن يكذب على الله ، (أُولئِكَ) المفترون (يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ) أي يوقّفون يوم القيامة بحيث يراهم الناس ويسألون عن افتراءاتهم ، (وَيَقُولُ الْأَشْهادُ) من الملائكة وقيل : هم الأنبياء ، وقيل : هم الأئمة (هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) أي كذبوا على رسل ربّهم وأضافوا إلى رسالاتهم ما لم يقله (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) أي البعد عن رحمة الله للذين ظلموا أنفسهم بافترائهم.
١٩ ـ (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ...) الجملة صفة للظالمين الذين لعنهم الله تعالى في الآية السابقة ، أي : أولئك المفترون الملعونون هم الذين يصرفون الناس عن دين الله (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) أي يريدون لسبيل الله زيغا وميلا عن الصواب (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) أي بالقيامة والحساب (هُمْ كافِرُونَ) جاحدون.