٣٦ ـ (إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ...) قد أكد سبحانه لنبيّه (ص) أنه لا يستجيب له إلّا الذين يسمعون دعوته بتفهّم وتدبّر ، (وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللهُ) أي يحييهم من قبورهم فيحكم فيهم ، (ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) يعادون للجزاء.
٣٧ ـ (وَقالُوا : لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ...) أي واقترحوا مكابرة إنزال معجزة تكون غير ما أنزله الله تعالى على رسوله من الآيات والمعجزات (قُلْ) يا محمد : (إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) أي مستطيع أن ينزل آية تلجئهم وتجبرهم على الإيمان كالبلاء والصاعقة والقحط (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ما في إنزالها وإن الآية إذا جاءت ولم يؤمنوا بها هلكوا.
٣٨ ـ (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ ...) أي ليس من حيوان مخلوق على وجه الأرض (وَلا) من (طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) وقد ذكر الجناحين لأنهما مختصان بالحيوان الذي يطير في الفضاء فجمع بهذين التعبيرين جميع المخلوقات (إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) أي أنها جماعات تشبهكم في الخلق والإبداع ، وتدل على قدرة صانعها. (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) أي ما تركنا في اللوح المحفوظ أو القرآن شيئا لم نبينه مجملا أو مفصلا (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) أي أنهم جميعا يبعثون ويجمعون للحساب.
٣٩ ـ (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ ...) أي الذين كذّبوا بالقرآن هم طرش وخرس (فِي الظُّلُماتِ) أي ظلمات الجهل والكفر و (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ) أي يخذله ويترك هدايته (وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يهديه ويساعده على الهدى.
٤٠ ـ (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ ...) أي : قل يا محمد لهؤلاء الكفار أرأيتم أنفسكم ، فيما لو نزل عليكم عذاب الله في الدّنيا (أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) يوم القيامة ، (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ؟) وهذا تعجيز لهم لأنهم في مثل تلك الحال لا يدعون إلّا الله سبحانه (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم بأن الأصنام آلهة؟
٤١ ـ (بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ ...) أي إلى الله تضرعون دون آلهتكم المزيّفة (فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ) أي يزيل ما حلّ بكم (إِنْ شاءَ) إذا أراد ، (وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) أي تجعلون حينئذ آلهتكم وراء ظهوركم.
٤٢ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ ...) يعني : بعثنا رسلا إلى الأمم السابقة لعهدكم فكذّبتهم (فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ) أي شدة الفقر والبلاء (وَالضَّرَّاءِ) أي المرض (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) أي لكي يبتهلوا إلى الله فيرفع عنهم البلاء.
٤٣ ـ (فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا ...) أي : أنه لمّا جاءهم بأسنا وعذابنا لم يتضرّعوا (وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ) جمدت على كفرها (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) زخرف لهم أعمالهم الفاسدة بوسوسته.
٤٤ ـ (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ ...) أي لمّا نسوا ما نزل بهم من البأساء والضراء ، (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) من نعمنا وعطائنا رأفة وإتماما للحجة عليهم ، (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا) وبطروا ولم يشكروا المنعم بل نسوه (أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) أي فجأة (فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) أي متحيّرون آيسون من رحمته تعالى.