٢٨ ـ (بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ ...) يعني أنهم يوم القيامة يظهر لهم واضحا جميع ما كتموه من كفرهم (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) أي لو أرجعناهم إلى الحياة الدنيا لرجعوا إلى كفرهم وتكذيبهم (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فيما يقولون.
٢٩ ـ (وَقالُوا : إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا ...) أي : لو أعيدوا لعادوا إلى سالف قولهم المذكور. (وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) ولنفوا البعث والحساب من جديد.
٣٠ ـ (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ ...) أي أيقنوا بوجوده ووقفوا على صدق ما جاء عن عذاب الكافرين (قالَ) سبحانه لهم توبيخا : (أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ؟) أي البعث ، والحساب ، والجزاء. (قالُوا بَلى) فأجابوا : نعم (وَرَبِّنا) فحلفوا يمينا وأقرّوا بأن الأمر صار عندهم بغاية الوضوح (قالَ) سبحانه لهم : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) أي بسبب كفركم وعنادكم ذوقوا العذاب الذي كنتم تجحدون به.
٣١ ـ (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ ...) أي أن الذين كذّبوا بالبعث والحساب خسروا بعدم اعتقادهم بذلك (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ) يعني حين مجيء الموعد وقيام الساعة (بَغْتَةً) فجأة (قالُوا : يا حَسْرَتَنا) فنادوا عند معاينتهم العذاب يا ندمنا (عَلى ما فَرَّطْنا) أي قصّرنا (فِيها) يعني في الحياة الدنيا. (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) أي أثقال ذنوبهم وآثامهم (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) أي بئس الحمل حملهم.
٣٢ ـ (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ...) اعتبرها جلّ وعلا هكذا لمن اتخذها لعبا ولهوا وكان أكثر عمره في المعاصي والغرور والباطل (وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) أي أنها بدوام نعيمها خير محض لمن يتجنّبون معاصي الله. (أَفَلا تَعْقِلُونَ) ألا تفكّرون بذلك فتؤمنون بما وعد الله عباده الصالحين؟
٣٣ ـ (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ...) الضمير في قوله تعالى : إنه ، هو للشأن. أي أنه سبحانه يعرف أنّ من طبع البشر أن ينسب إليهم الكذب والتكذيب. فلا يحزنك قولهم ساحر كذاب أو ما أشبهه. (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) بل يرجع تكذيبهم إلى أنفسهم (وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) عن أكثر المفسرين : إنهم لا يكذّبونك بقلوبهم اعتقادا بكذبك ، بل يكفرون بآيات الله عزّ وعلا.
٣٤ ـ (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ...) قال الله سبحانه ذلك لتسكين قلبه (ص) لأن الرّسل كذّبوا (فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا) فلا بدّ لك يا نبيّ الله من الصبر في قبال أذى قومك أسوة بغيرك من الأنبياء الذين كذّبوا (وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) فكانوا هم الغالبين. (وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللهِ) أي لقضائه بإتمام وعده ونصره لرسله. (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) أي ممّا ورد عليك من أخبار الأنبياء قبلك.
٣٥ ـ (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ ...) أي إذا ثقل عليك انصرافهم عنك وعمّا جئت به (فَإِنِ اسْتَطَعْتَ) أي قدرت (أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ) تطلب منفذا ومدخلا في جوف الأرض (أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ) يعني مرقاة ترتقي عليها لتصعد بواسطتها إلى السماء (فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ) تجيئهم بمعجزة ، فافعل. (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) بإلجائهم إلى الإيمان (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) أي : فلا تجزع في مواطن الصبر فيكون حالك حال الجاهلين.