٤٥ ـ (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ...) أي أهلك آخر من بقي منهم (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) على إهلاك الظالمين المعاندين ، وعلى إعلاء كلمة الحق. ويستفاد من هذا أنه ينبغي الشكر لله حين ينزل عذابا يطهر به الأرض من الظالمين.
٤٦ ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ ...) قل يا محمد لهؤلاء المعاندين : إنه في حال أن الله جعلكم صمّا وعميا (وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ) بأن غطّى عليها بعمى القلوب فصارت لا تعقل (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ؟) أي فهل لديكم ربّ قادر على إرجاع ما أخذ الله منكم؟ ... (انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) أي نبيّنها ونوجهها (ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ) يعرضون.
٤٧ ـ (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً ...) يعني فجأة (أَوْ) أنه أتاكم (جَهْرَةً) أي علنا وبتقديم مقدمة (هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) يعني لا يهلك هلاك سخط إلّا الكافرون والظالمون. وهل هنا للاستفهام الإنكاري.
٤٨ ـ (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ ...) أي لا نبعث أنبياءنا إلّا مبشّرين بالخير للمؤمنين وذلك بأن لهم الجنة (وَمُنْذِرِينَ) مهدّدين للكفار بالنار (فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ) أي صدّق الرّسل وحسنت حاله (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من عذاب الله يوم القيامة (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) لفوت الثواب وخسارة الأجر الجزيل الذي وعد الله به المؤمنين.
٤٩ ـ (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا ...) أي : جحدوها وأنكروا ما جاءهم به رسلهم (يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ) يصيبهم سخط الله وعذابه (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) أي بسبب خروجهم على الإيمان.
٥٠ ـ (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ ...) قل يا محمد لهؤلاء العتاة العصاة ليس عندي مقدورات الله جلّ وعزّ وجميع ما يملك. في مذخور علمه. فإن خزائنه سبحانه ليست كما نتصور بعقولنا القاصرة أماكن يخزن فيها الرزق والنعم (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) أي لا أعرف ما انطوى عني من علم اختصّ الله تعالى به نفسه (وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) ولست ملكا من الملائكة (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ) ولكني أسير وفق ما يردني من أوامر الوحي (قُلْ) لهم : (هَلْ يَسْتَوِي) يتساوى لدى العقلاء (الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) أي من يعلم ومن لا يعلم (أَفَلا تَتَفَكَّرُونَ) ألا تتأمّلون بفكركم لتميّزوا بين الحق والباطل؟
٥١ ـ (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ ...) وأنذر بالقرآن الذين يرجون الوصول إلى رحمة ربّهم. (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ) فقد حصر الولاية به سبحانه ثم الشفاعة التي أوردها بصيغة المبالغة ليهتمّ الناس بها. (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) أي من أجل أن يخافوا العاقبة ويتوبوا إلى ربّهم.
٥٢ ـ (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ ...) أي لا تبعد عن مجلسك المؤمنين الّذين يطلبون رضى الله عند الصباح وعند المساء ، (يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) أي يبتغون رضاه مخلصين له. والجملة حالية من الفعل : يدعون. (ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) أي لست مسئولا عن محاسبتهم وليس لك إلّا الأخذ بما عليه ظاهرهم (وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ) وليسوا مسئولين عن محاسبتك على ما تفعل (فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) فإنك تظلمهم بطردهم من حولك وهذا جواب النهي ، والفعل منصوب بفاء السببية.