٦ ـ لا جيش بلا انضباط وطاعة ، ولا نجاح في معركة إلا في انضباط وطاعة ، والجيش الإسلامي يحتاج إلى إيمان وتقوى وطاعة ، وقد جمع هذا كله قوله تعالى (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) والآن لنعرض بالتفصيل للصلات بين معاني الفقرة :
١ ـ ما الصلة بين قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) وبين قوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ)؟ الصلات متعدّدة :
أ ـ إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا يبني على خبر الفاسق ، بينما يوجد ناس يبنون عليه ، فلو أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أطاعهم في مثل ذلك لترتب على ذلك وجود أنواع من الحرج والعنت ، وفي ذلك توجيه للمسلمين في عدم البناء على خبر الفاسق.
ب ـ وقوله تعالى (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) أعطى معنى زائدا على مجرد البناء على خبر الفاسق ، وهو أنه ليس كل اقتراح يتقدم به فرد فيه مصلحة للأمة ، بل كثير من الأمور لو أطاع فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم الأفراد لترتب على ذلك حرج ، وفي ذلك توجيه للأفراد أن يعرفوا حدود اقتراحاتهم ، وهذا شىء تعاني منه الجماعات الإسلامية في كل عصر ، إذ نرى إنسانا متحمسا أو غير متحمس يقترح الاقتراح ، ويقف عنده ، ولو أخذت الجماعة المسلمة به لترتّب على ذلك عنت كبير ، ومن ثم أدّب الله عزوجل المسلمين على الخضوع لرأي رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا رفض اقتراحا ، ومن ثم جاء بعد قوله تعالى (لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) فالقسم الأخير من الآية يشير إلى أن الراشدين من أبناء الأمة المسلمة يخضعون لأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولقراره ، ولو خالف ذلك اقتراحاتهم ، ورغباتهم ؛ لأن الخضوع هو الذي يتفق مع الإيمان ، ولأن غيره كفر وفسوق وعصيان ، ومع تقرير هذا المعنى فقد قرر هذا الجزء من الآية حقيقة هي : أن الله عزوجل ـ فضلا منه ونعمة ـ يحبب الإيمان ويزينه في قلوب المؤمنين ، ويكرّه الكفر والفسوق والعصيان ، وبهذا نعرف الصلات بين المعاني التي وجدت في الآيات الثلاث الأولى من الفقرة.
٢ ـ وما الصلة بين ما ورد في الآيات الثلاث الأولى وبين قوله تعالى بعد ذلك