(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا ...)؟ الظاهر أن خبر الفاسق له علاقة بهذا الموضوع ، ففي كثير من الأحيان يكون لخبر الفاسق دور في اقتتال المؤمنين ، ولذلك فقد سبق الكلام عنه ليحذر ، ثم من الملاحظ أن الآيتين الأخيرتين جاءتا بعد قوله تعالى (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فكان بمثابة التمهيد للإصلاح ولقبوله.
٣ ـ نلاحظ أن الله عزوجل عندما ذكر الحكمة في عدم الأخذ بقول الفاسق قال (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) وفي الآية الأخيرة قال (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) وهذا يؤكد أنّ لذكر خبر الفاسق صلة بذكر الخصومة والاقتتال بين المؤمنين. وما الصلة بين الفقرة الثالثة والفقرتين الأولى والثانية؟ إن الصلات بين هذه الفقرات متعدّدة ، ومن أظهر الصلات أن الفقرات الثلاث تتحدّث عن الأدب مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتوقيره وتعظيمه. ولذلك صلته بما ورد في سورة الفتح (وَتُوَقِّرُوهُ).
٤ ـ نلاحظ أن الفقرة الثالثة انتهت بقوله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ونلاحظ أنه بعد هذه الآية تأتي فقرتان تربيان على كل ما يعمّق الأخوة الإيمانية وتبعدان عن كل ما يجرحها أو يعكرها.
الفقرتان الرابعة والخامسة
وتشملان الآيتين (١١) و (١٢) وهاتان هما :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ