وواضح أنه موضوع ، وأنه مصنوع ، وإن كان لا يخلو من نفس حق ، ولكنّه لا يصلح للاعتماد ، وقد ذكر فيه بلاء أيوب ، ولكن فيه على لسان أيوب اعتراضات ، وشكاوى على الله ـ وحاشاه ـ وإنما هو دأب اليهود ـ عليهم لعائن الله ـ في تشويه سمعة الأنبياء عليهمالسلام. وللمفسرين كلام كثير يبالغون فيه في بلاء أيوب مبالغة يرفضها علماء التوحيد. وفي مثل هذه الأحوال فالموقف الأصح هو الوقوف عند النص ، وأن نفهمه ضمن القواعد العامة ، وأن نذكر ما أثر عن رسولنا صلىاللهعليهوسلم في هذا المقام. ويذكر ابن كثير حديثين لهما علاقة بأيوب عليهالسلام فلننقلهما :
(روى ابن جرير وابن أبي حاتم جميعا ... عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة ، فرفضه القريب والبعيد ، إلا رجلين كانا من أخص إخوانه به ، كانا يغدوان إليه ويروحان ، فقال أحدهما لصاحبه : تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين ، قال له صاحبه وما ذاك؟ قال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمهالله تعالى ، فيكشف ما به ، فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له ، فقال أيوب عليه الصلاة والسلام : لا أدري ما تقول غير أن الله عزوجل يعلم أني كنت أمرّ على الرجلين يتنازعان فيذكران الله تعالى فأرجع إلى بيتي فأكفّر عنهما كراهية أن يذكر الله تعالى إلا في حق ، قال : وكان يخرج إلى حاجته فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ فلما كان ذات يوم أبطأ عليها ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى أيوب عليه الصلاة والسلام أن (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) فاستبطأته فالتفتت تنظر ، فأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء ، وهو على أحسن ما كان ، فلما رأته قالت : أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله هذا المبتلى؟ فو الله على ذلك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحا ، قال : فإني أنا هو ، قال وكان له أندران : أندر للقمح ، وأندر للشعير ، فبعث الله سحابتين ، فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض ، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير حتى فاض ، هذا لفظ ابن جرير رحمهالله.
وروى الإمام أحمد ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «بينما أيوب يغتسل عريانا خرّ عليه جراد من ذهب ، فجعل أيوب عليه الصلاة والسلام يحثو في ثوبه ، فناداه ربه عزوجل : يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال عليه