المحور والسورة كلها ، وبين السورة ومقاطعها ومجموعاتها وفقراتها ، وقد بقيت معنا مجموعتان من المقطع الثاني ، ونؤثر أن نؤخر الكلام عنهما إلى ما بعد ذكر بعض فوائد المجموعة الأولى من المقطع الثاني.
فوائد :
١ ـ في قوله تعالى : (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) معجزة من معجزات هذا القرآن الكثيرة ؛ إذ تتحدث عن معنى يستحيل على أحد من البشر أن يتكلم فيه ساعة نزول هذا القرآن ، مما يدلّ دلالة قطعية على أن هذا القرآن من عند الله عزوجل.
٢ ـ رأينا أن قوله تعالى : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) معناه تجري إلى يوم القيامة ، وهناك قراءة أخرى ذكرها ابن كثير قال : (وقرأ ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما (والشمس تجري لا مستقر لها) أي لا قرار لها ولا سكون ، بل هي سائرة ليلا ونهارا لا تفتر ولا تقف كما قال تبارك وتعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ) أي لا يفتران ولا يقفان إلى يوم القيامة).
أقول : وفي هذه القراءة الثانية كذلك معجزة من معجزات القرآن ، فالحديث عن الشمس والقمر حديث علم محيط لا يمكن أن يكون إلا من المحيط علما بكل شىء.
٣ ـ بمناسبة الكلام عن الشمس والقمر في السورة نجد كلاما كثيرا للمفسرين ، منه الخطأ ومنه الصواب ، لأن المفسّرين يفسرون هذا القرآن بقدر ثقافتهم من ثقافة عصرهم ، ولا شك أن ثقافة أي عصر تتقاصر عن أن تسع هذا القرآن ، وفي هذا المقام ذكر ابن كثير حديث أبي ذر في موضوع سجود الشمس واستئذانها ، وطلوعها من مغربها قبل يوم القيامة وهو موضوع حققناه في آخر سورة الأنعام ، فلا نعود إليه ، وتحدثنا في أكثر من مكان في هذا التفسير عن موضوع سير الشمس وحركتها ، وعن موضوع دوران الأرض وحركتها ، وأن دوران الأرض لا يعني ثبوت الشمس ، كما صوّره بعضهم ، وتحدّثنا بأن للشمس ثلاث حركات : حركة مع مجرتها ، وحركة حول نفسها ، وحركة نحو كوكبة الجاثي هي ومجموعتها الشمسية ولعلها هي المرادة هنا بقوله تعالى : (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها) وإنّ في قوله تعالى : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ما يدل على