إحياء القلب ويشتغلون في تعليم الفقه أو غيره ، وينتهي دورهم عند هذا الحد. وهذا وهذا قصور عن التربية القرآنية والطريقة المحمدية. راجع كتاب (تربيتنا الروحية).
٣ ـ نلاحظ أنه بعد قوله تعالى في نهاية المقطع الأول : (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) ورد قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتى وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) ثمّ استقرّ السياق على قوله تعالى : (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا) وهذا يفيد ضمنا أنّ إحياء القلوب على الله ، والله يتولاه ، ولكن لا بدّ من الأسباب : المنذر بنذارته ، والمنذر ببذل الجهد ، والله عزوجل هو الذي يتولّى عملية الإحياء ، ومن ثمّ فإن على الدعاة إلى الله أن يلاحظوا هذا ، فيعقدوا حلقات الوعظ ، ويدعوا الناس إليها ، وعلى الناس أن يحضروا ، وعلى الدعاة ألا يهملوا الوعظ أبدا في كل حال ، وعلى الناس أن يسمعوا. والتقصير في هذا يؤدي إلى فقدان حياة القلوب وبالتالي إلى ضعف الإسلام.
٤ ـ فيما يتعلق بصلة المجموعة الأخيرة بمحور السورة أصبحت واضحة فالمحور يقول : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) والمجموعة ترسم الطريق للاستجابة إلى المرسلين من خلال الإنذار والتبشير ، فهي تعليم للمرسلين ، وإنذار للمرسل إليهم ، وتبشير للمستجيبين.
٥ ـ لنلاحظ أخيرا أن بداية المجموعة كانت : (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ* وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ.)
وأن نهاية المجموعة كانت : (وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ* وَلَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى مَكانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ* وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ.)
ذكّرهم أولا بهلاك القرون الخالية ، ثم ذكّرهم أخيرا بقدرته على طمس أعينهم ومسخهم ، وذكر لهم ما يعتبرون به وهو أن من عمّر نكّس في الخلق ، مما يدل على قدرته جل شأنه على أن يفعل بهم ما هددهم به ، وما بين البداية والنهاية كانت جولات في التذكير ، وإقامة الحجة ، حتى إذا نضج القلب الحي في التذكير ، انصب الكلام عن الرسول صلىاللهعليهوسلم والقرآن فجاء قوله تعالى : (وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ ...) تأمّل صلة ذلك ببداية السورة : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ لِتُنْذِرَ قَوْماً ...) إنّ الصّلة على أشدّها بين