في شأن المطر فإنه لا يكون عارفا بكل ما له علاقة بالمطر ونزوله في كل وقت وكل حال ، أمّا الله عزوجل فمن الأزل يعلم كم وفي ومتى في كل عام ، فالجانب الذي لا يتوصّل إليه الإنسان من خلال عالم الأسباب من هذه الظاهرة هو الجانب الغيبي ، مع ملاحظة أنّ ما يصل إليه الإنسان هو أشبه بالظن ، وأما إنزال المطر بواسطة إطلاق نوع من القنابل إلى الجو فهذا لا ينفي أن الله هو منزل المطر ؛ لأن الأسباب كلها إنما هي بقدرة الله وإرادته وعلمه. وأما إمكانية أن يعرف الإنسان شيئا عن الجنين فهذا ليس غريبا ، ولكن هذه المعرفة محدودة ضمن عالم الأسباب الذي لا يعتبر من عالم الغيب ، فهذا الملك يعرف عن الجنين قبل ولادته ، فمثل هذا لا ينقض العلم المطلق لله في هذا الشأن ، فالله عزوجل يعلم عن الجنين قبل خلقه ، ويعلم ذرات البويضات ، وتشكلها ، وماذا سيكون منها ، ثم ما بعد ذلك وما قبله مما لا يعرف الإنسان منه شيئا ، فمعرفة البشر الجزئية لا تنفي أن الله وحده هو الذي يعلم ، كما أن معرفة الملك بالجنين وهو في بطن أمه لا تنفي أن الله وحده هو الذي يعلم كل شىء عن الجنين. قال ابن كثير :
(وكذلك إنزال الغيث لا يعلمه إلا الله ، ولكن إذا أمر به علمه الملائكة الموكلون بذلك ، ومن يشاء الله من خلقه ، وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه تعالى سواه ، ولكن إذا أمر بكونه ذكرا أو أنثى ، أو شقيا أو سعيدا ، علم الملائكة الموكلون بذلك ، ومن شاء الله من خلقه).
٤ ـ قال ابن كثير في آية (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ...) قد وردت السنّة بتسمية هذه الخمس مفاتيح الغيب. روى الإمام أحمد ... عن أبي بريدة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «خمس لا يعلمهنّ إلا الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)». هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجوه. وروى الإمام أحمد ... عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهنّ إلا الله : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ، وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً ، وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.) انفرد بإخراجه البخاري فرواه في كتاب الاستسقاء في صحيحه ، ورواه في التفسير من وجه اخر ... عن عبد الله بن عمر قال : قال النبي