أنيس ؛ فقتل الأنصاري ، ثم ارتد عن الإسلام ، ثم هرب إلى مكة فنزلت فيه (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) يعني من لجأ إلى الحرم ، بإلحاد يعني : بميل عن الإسلام ، وهذه الآثار ـ وإن دلت على أن هذه الأشياء من الإلحاد ـ ولكن هو أعم من ذلك ، بل فيها تنبيه على ما هو أغلظ منها ، ولهذا لما هم أصحاب الفيل على تخريب البيت ، أرسل الله عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول ، أي دمرهم وجعلهم عبرة ونكالا لكل من أراده بسوء ، ولذلك ثبت في الحديث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «يغزو هذا البيت جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم» وروى الإمام أحمد أنه. أتى عبد الله بن عمر ، عبد الله بن الزبير فقال : يا بن الزبير : إياك والإلحاد في حرم الله ، فإني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «إنه سيلحد فيه رجل من قريش لو توزن ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت» فانظر لا تكن هو ، وروى أيضا في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص ..... عن سعيد بن عمرو قال : أتى عبد الله بن عمر ، عبد الله بن الزبير وهو جالس في الحجر فقال : يا ابن الزبير إياك والإلحاد في الحرم ، فإني أشهد لسمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول «يحلها ويحل به رجل من قريش لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها» قال : فانظر لا تكن هو ، لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذين الوجهين.
أقول : إن عبد الله بن الزبير ليس هو المعني بالحديث بيقين ، بل هو الخليفة الشرعي للمسلمين مدة خلافته رضي الله عنه وأرضاه.
٤ ـ ما الصلة بين الآية الأولى في المجموعة وهي قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ .....) والآية الثانية (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) قال ابن كثير : (هذا فيه تقريع وتوبيخ لمن عبد غير الله وأشرك به من قريش في البقعة التي أسست من أول يوم على توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له) وما الصلة بين الآية الأولى ، وأمره تعالى لإبراهيم في الآية الثالثة (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ.)
أقول : الصلة تكمن ـ والله أعلم ـ في أن إبراهيم دعا الخلق كلهم لإتيان المسجد الحرام ، وقريش كانت تصد أولى الناس بإبراهيم عن المسجد الحرام.