٥ ـ عند قوله تعالى (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) تحدث ابن كثير عن حكمة قرن الطواف بالركوع والسجود فقال : (فقرن الطواف بالصلاة لأنهما لا يشرعان إلا مختصين بالبيت ، فالطواف عنده والصلاة إليه في غالب الأحوال ، إلا ما استثني من الصلاة عند اشتباه القبلة ، وفي الحرب ، وفي النافلة في السفر).
٦ ـ لا نعلم كيف نفذ إبراهيم عليهالسلام أمر الله (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ) إلا أن ابن عباس ومجاهدا وعكرمة وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف قالوا ما مضمونه : (قال أي عند ما أمر : يا رب كيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟ فقال : ناد وعلينا البلاغ ، فقام على مقامه ـ وقيل على الحجر وقيل على الصفا ، وقيل على أبي قبيس ـ وقال : يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه ، فيقال إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض ، وأسمع من في الأرحام والأصلاب ، وأجابه كل شىء سمعه من حجر ومدر وشجر ، ومن كتب الله أنه يحج إلى يوم القيامة لبيك اللهم لبيك) هذا مضمون ما ورد عن ابن عباس ومجاهد وعكرمة وغير واحد من السلف والله أعلم.
٧ ـ بمناسبة قوله تعالى (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) قال ابن كثير : (قد يستدل بهذه الآية من ذهب من العلماء إلى أن الحج ماشيا لمن قدر عليه أفضل من الحج راكبا ، لأنه قدمهم في الذكر ، فدل على الاهتمام بهم ، وقوة هممهم ، وشدة عزمهم ، وروى وكيع عن ابن عباس قال ما آسى على شىء إلا أني وددت أني كنت حججت ماشيا ، لأن الله يقول : (يَأْتُوكَ رِجالاً) والذي عليه الأكثرون أن الحج راكبا أفضل اقتداء برسول الله صلىاللهعليهوسلم فإنه حج راكبا مع كمال قوته عليه الصلاة والسلام).
٨ ـ بعد قوله تعالى (يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ) ذكر الله عزوجل حكم فرضه الحج على الناس فقال :
(لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ.)
وقد قدم الله عزوجل من هذه الحكم الخمسة شهود المنافع فقال : (لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ) وللنسفي كلام جميل في هذا المقام قال : (نكرها لأنه أراد منافع مختصة