واذا كانت السَّوداء سببا لاتّصال الفكر ، وكان اتّصال الفكر سببا لاحتراق الدّم والصّفراء وميلِهما الى السّوداء ، والسّوداء كلّما قَوِيَتْ قَوِىَ الفِكْر ، والفِكْر كلّما قَوِىَ قَوِيَت السّوداء ، فهذا الدّاء العَياء الذى يعجز عن معالجته الأطبّاء.
عشو :
العَشَى : سُوء البَصَر ليلا ، والعَشَى : مصدر عَشَا الرّجل فهو أعْشَى اذا لم يُبْصِر باللّيل.
ويقال : خَبْطَة عَشْواء ، أى : رَكْبَة على غير بصيرة. وأصله من النّاقة العَشواء لأنها لا تبصر أمامها فلات تتعمَّد مواضع خِفافها ، قال زهير :
رأيتُ المنايا خَبْطَ عَشواءَ مَنْ تُصِبْ |
|
تُمِتْهُ ومَنْ تُخْطِىءْ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ (٤٤) |
وفى المثَل : (هو يَخبط خَبْط عَشواء) أى : لم يهتمّ بعاقبة أمرِه.
وتعاشَى الرّجلُ فى أمره اذا تجاهَل.
والعَشَى : هو أنْ يتعطّل البصر ليلا ويُبْصِر نهارا ويَضعف فى آخره. وسببه رُطبة من رُطوبات العين وغِلظها ، ورطوبة الرُّوح الباصر وغلظه. وأكثر ما يعرض للعُيون السُّود دون الزُّرق ، ولصغار الحِدَق ، ولمن تكثر الألوان فى عينه ، فانّ هذا يدلّ على قلّة الرُّوح الباصرة فى خلقته.
وقد تكون هذه العِلّة لمرض فى العَين أو بمشاركة المعدة للدّماغ. وسببه بُخارات غليظة تكدِّر الرُّوح وتغلِّظها لتكثيفها اياّها ، وفى النّهار تَلْطُف تلك البُخارات وتُحلّل بتلطيف الشّمس والضّوء وحركة اليَقَظة لها فيُبصر.