وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٥٠) انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (٥١) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ
____________________________________
الصدق بل الله العالم بالحقائق والخفيات هو الذي يزكي من يشاء ان يخبر بتزكيته من عباده الصالحين كما اخبر في قرآنه المجيد بتزكية أنبيائه ورسله وبعض أوليائه ووصفهم بالصلاح والإحسان (وَلا يُظْلَمُونَ) اي هؤلاء الذين يزكون أنفسهم (فَتِيلاً) اي مقدار فتيل وهو مفعول ثاني ليظلمون كما تقول ظلمني زيد مقدار فلس والفتيل في تفسير القمي القشر الذي على النواة وفي التبيان الذي في شق النواة وكذا في المصباح وكذا في النهاية وفيها وقيل ما يفتل بين إصبعيك من الوسخ وفسره بهما وفي القاموس وذكر في الدر المنثور من أخرجه عن ابن عباس انه الذي في شق النواة وانه استشهد له بقول النابغة الذبياني
يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو |
|
ثم لا يرزأ الأعادي فتيلا |
وقول الآخر
أعاذل بعض لومك لا تلحّي |
|
فإن اللوم لا يغني فتيلا |
وفي الدر المنثور عن ابن عباس ايضا من طرق ان الفتيل ما خرج من بين الإصبعين اي من الوسخ عند ما تدلك ما بينهما. والغرض من ذكر الفتيل هو قلته وحقارته والمراد ان الله لا يظلم هؤلاء بهذا المقدار لو أحسنوا ولكن اين هذا من التزكية ٥٠ (انْظُرْ) يا رسول الله (كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) في شركهم وما ينسبونه الى قدس الله جل وعلا وما شرعوه بأهوائهم وما يزعمونه من انهم أبناء الله واحباؤه الى غير ذلك (وَكَفى بِهِ) اي بالكذب على الله (إِثْماً مُبِيناً) وموضحا لجرأتهم على الله ومحادته واقدامهم على المعاصي والفعل القبيح ٥١ (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ) باعتبار ما بقي من انقاض الكتب الإلهية التي ضيعها أسلافهم وبدلوها وحرفوها (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ) اما الجبت ففي مختلف روايات في الدر المنثور انه الساحر او الأصنام او الشيطان او حي بني اخطب واقتصر في مختصر التبيان على نقل الأقوال بنحو ما ذكر وعلى هذا الترديد جرى في القاموس وفي مجمع البيان فسر الجبت والطاغوت بالصنمين اللذين كانا لقريش وفي الكشاف الجبت الأصنام وكل ما عبد من دون الله. هذا واما الطاغوت فقد أشرنا في الجزء الأول ص ٢٢٨ و ٢٢٩ الى معناه في